Articles

مقال: دعوات إلغاء الخدمة بين الزّوجين.. خطر داهم، تزعم الانتصار للنّساء

بقلم/ محمّد موسى كمارا

إذا كان الرَّجُل مدرّسًا في المراحل الأولى، فإنّ صوته يبحُّ في تلقين الصّغار، وإذا كان أستاذًا في المراحل العليا، فالله وحده أعلم بما يعانيه في سبيل الإعداد والمناقشة والتّدريس، وإذا كان يعمل تاجرًا، أو صانعًا، أو عاملًا، فحدِّث، ولا حرج، عن تطاول الزَّبائن، ومزاحمة العمّال، وما شئت تصوره من الأمور المحرجة يكابدها الرّجال في الخارج، ولا يعلم أهل البيت من أخبار ذلك كلّه شيئًا، وكلّ ما يكابده الزّوج من العنت في سبيل العيش، إنّما هو لرزقٍ يجلبُه إلى الأسرة، لخدمتها وكفايتها ومنعها من السّؤال، وعلى رأس الأسرة أمُّ الأولاد: طعامها، وشرابها، وكسوتها، وسلامتها، وأمنها.
أبعد ذلك كلِّه تطول ألسنتنا لتتسلَّط على أعراف النّاس وتقاليدهم في التّعاون بين الزّوجين! ماذا يريد هؤلاء على وجه الحقّ؟ أيتركون الطّغاة يقعدون على كاهل الأمّة، والأعداء يحيطون بها من كلّ جانب، والخلافات بين الجماعات والمذاهب تشتعل وتتوهّج، ثمّ لا يقتنعون فيحاولون الآن تمزيق الأُسر، وقلب التّقاليد والأعراف الجارية!
إنّ هؤلاء الدّعاة الجدد يظنُّون (جميع) النّساء غبيّات حمقاوات بلا عقلٍ ولا مروءة، وإلّا فأيُّ امرأةٍ عاقلةٍ يكفل لها الزّوج الطّعام، ويُعينها على المكاره، ويقف معها في السّرّاء والضّرّاء، ثمّ تضع قدما على أخرى؛ لتنظر إلى ذلك الرَّجل يطبخ الطّعام، ويغسل الأواني، ويكوي الملابس، وينظّف البيت، ويغسل الأولاد؛ لأنّ الشّيخ (فلان) طال لسانُه وتسلّط فقال: لا خدمة واجبة على الزّوجة تُجاه زوجها.
ومن مكرهم أنَّهم يحاولون النّفخ في كلمة (خدمة)؛ لإظهار المرأة فيما تعمل في البيت لزوجها وأولادها، جاريةً مستأجرةً للكدّ والنّصب، مع أنّ الأمر تعاونٌ لا غير، وتكافل لا غير، وتخفيف طرفٍ عن طرفٍ في سبيل الحياة لا غير، فليست هناك خدمة بالمعنى الذي يريدون إيهام النّساء به، حتّى يتمرّدن على الأزواج والأعراف، ويحرمن أنفسهنّ من ثواب التّربية وإعداد الجيل.
هذا؛ والأحاديث الواردة في تعاون المرأة مع زوجها، وفي أجرها على هذا التّعاون، وأقوال الفقهاء في حقيقة هذا التّعاون من حيث الوجوب وعدمه كثيرة، ولم أتعرَّض لها في هذه الكلمة؛ لأنَّني أرى تحت هذه الدّعوة الجديدة غبارًا مثارًا هو الأحقّ بالبيان؛ لما يراد به من تمزيق الأمّة مرّة أخرى، وخلق بيوتٍ صغيرة في كلّ بيتٍ، وبتّ الصّلة بين الزّوجين إلّا في مكان واحد يعرفه القارئ، فلتنتبه النّساء قبل الرّجال لحقيقة الخطر الدّاهم، في صورة دعوة رحيمة تزعم الانتصار للنّساء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى