ArticlesCulture

قراءة في كتاب: الإسلام عدالة وإنسانية

بقلم: جيم عثمان درامي

عنوان هذا الكتاب: الإسلام عدالة وإنسانية، لمؤلفه المرشد أحمد عيان تيام، طبع في القاهرة، من منشورات تِمْبُكْتُو، وعدد صفحاته 300صفحة. صدر الكتاب بلغة عربية فصيحة، اللغة التي وسعت كتب الله لفظا وغاية كما قال شاعر النيل حافظ إبراهيم رحمه الله.


ويستهل المؤلف الكتاب بإهداء إلى والديه رحمهما الله، واستهلالِ وجيز من سورة فاطر، وتصدير شيّق بقلم الشيخ محمد منصور سي الخليفة والشاعر رحمه الله، ومقدمة للمؤلف ومباحث عددها أربعة عشر وخاتمة وتقاريظ وملاحق، وكذلك قائمة بالمراجع التي اعتمد عليها المؤلف.
تناول المؤلف تعريف الإسلام مبينا أن الإسلام دين ودولة، كما تطرق إلى الفكر الإسلامي الذي تطور بتطور العلوم والتجارب المكتسبة من المجتمعات الإسلامية الجديدة مما أدى إلى ظهور المذاهب الفقهية، وتحدث عن مقاصد الإسلام بالنسبة إلى درجات ثلاثة: الإنسان كفرد، الإنسان كمجتمع، والإنسان كقائد.

ودرس الإسلام كدين سلام وأخوة، فالسلام أساس الخير لكل إنسان. أوضح كاتبنا أن الإسلام دين سلام وعدل وحرية وعدالة وصلاح وطمأنينة وفوز ويسر وسماحة، وحسن إدارة اختلاف الآراء أو ما يسميه الدكتور يوسف القرضاوي بفقه الاختلاف.
كما تناول المؤلف أساسيات مهمة في الإسلام كمبدأ الاجتهاد وأسس الفتوى والعدالة، والإنسانية في الإسلام، وعن القيم الأخلاقية العليا لديننا الحنيف، والحوار والشورى، مجسما الإسلام كدين الوحدة. الوحدة في العقيدة وفي الأهداف والمصالح. وتطرق المؤلف كذلك إلى الحديث عن الأعياد في الإسلام ومنزلة المرأة في ديننا الحنيف ودور المساجد مركِّزا على مسجد القيروان ومسجد القرويين وما لهما من فضل في نشر الإسلام في إفريقيا ووصلت إشعاعاتهما إلى الأقطار مثل بوتلمت وتمبكتو واندر. وتحدث الكاتب عن مدرسة مام مصامب تيام التي خرَّجت العديد من الأعلام أمثال مام مهرم امباكي، ومختار ندمب جوب والشيخ دمب فال في بير والشيخ الشهيد ملامين سار، والشيخ مكمب لي، والشيخ لي كن، وأشار إلى قيام الدولة الإمامية في فوتا تورو كفاتح لعهد إسلامي ثالث.
وعن دور بعض السلاطين والأعلام السنغاليين أمثال وار جابي وإسهام هذا الأخير في مجيء عبد الله ين ياسين إلى المنطقة مما ترتب عليه تأسيس النواة الأولى لجيش المرابطين.

وتجدر الإشارة إلى أن المؤلف يؤكد بإلحاح أن دولة المرابطين أسست في مدينة اندر. واستعرض الكاتب دور الطرق الصوفية ودور الجمعيات الإسلامية في السنغال.

وبعبارة أخرى تعالج هذه الدراسة مسائل معينة ترتبط بأصول الإسلام ومقاصده وقيمه وأساسياته وشريعته وأحكامه وحضارته وتاريخه في السنغال مشيرا إلى ما حققته الجمعيات الإسلامية والمدارس التعليمية والتربوية من إنجازات عظيمة في مختلف المجالات.

وأشار المؤلف بكل موضوعية إلى ما لهذه الجمعيات من محاسن وما يؤخذ عليها. ثم خصص دراسة عن نشأة الاتحاد الثقافي الإسلامي عام 1950، وفروعه وما قام به من بناء مدارس متعددة والبحث عن منح دراسية وتنظيم أسبوع ثقافي في كل سنتين لدراسة حياة ومنجزات شخصيات إسلامية سنغالية أو إفريقية وإيجاد علاقات وطيدة مع العديد من المنظمات والجمعيات الإسلامية المتواجدة في بعض الدول العربية والإسلامية، وما إلى ذلك.
سجل المؤلف في هذا الكتاب كما قال في الإهداء “نصوصا تشتمل على أفكار وآراء ومعلومات”. والمؤلف كما قال الشيخ الخليفة محمد منصور سي، مرشد “لا يمل ولا يدخر جهدا لإسداء التوجيهات والإرشادات والتعليمات الرشيدة إلى أمته وداعية إلى سبيل الرب بالحكمة والموعظة الحسنة. فلو لم يقم إلا بهذا النشاط والعمل النافع لكفاه. ناهيك عن تأليف هذا المؤلَّف الضخم. الجم الفوائد”
بذل المؤلف جهودا كبيرة في البحث والتقصي مع عناية خاصة بالتوثيق بما جاء من آيات قرآنية وأحاديث نبوية وأقوال الصحابة واقتباسات.
بين المؤلف الظروف التي ظهر فيها الإسلام من جو قاتم وحياة مليئة بالفوضى فحول الأرض صدقا عدلا وقسطا وإصلاحا ومحبة وإيثارا بعد أن ملئت كذبا وجورا وظلما وفسادا وعداوة وأنانية. إذن جاء الإسلام لبناء الإنسان وتنظيم المجتمع تنظيما سليما.
وخصص في الكتاب جزءا مهما في العلاقات الأسرية بين العديد من البيوتات الدينية في السنغال مبينا أن كثيرا من زعماء الدين في وطننا من أحفاد جده مام مَصَمْبَ تِيَامْ.
إن هذه الدراسة عبارة عن موسوعة فيها شريعة وفقه وفكر وفلسفة ولغة وأدب وثقافة وتاريخ بكل ما تملك هذه الكلمات العربية من معان. لذلك كله أرى مخلصا أن في قراءته منافع جليلة في شتى الميادين.
في الكتاب معلومات كثيرة حول تاريخ الإسلام في السنغال وبعض أبرز المجاهدين في سبيل نشره. بذل المؤلف دون أدنى شك، مجهودات نرجو أن يكون نفعها غير منقطع للإنسان والإنسانية.
وأخص ما يمتاز به هذ الكتاب ما فيه من تسلسل الأفكار ووضوح المعاني وسلامة اللغة والدقة في التعبير والصرامة في المنهجية والتوفيق في السرد والتحلي.
فالكتاب سليم لغة ونحوا وصرفا ومنهجا وفكرة وأسلوبا
لقد اطلع المؤلف الباحث لإنجاز هذا العمل على سبعة وثلاثين مرجعا معظمها من أمهات الكتب ومجلات محكمة، وأعمال مؤتمرات علمية، وروايات شفاهية من كبار المسنين.
إن ذلك كله إن صور شيئا فإنما يصور ما بذله المؤلف من جهود مباركة في البحث والدراسة والتحقيق والتحليل. لقد أبرز المؤلف جدارته في البحث وإتقانه للغة وتمكنه من الحفاظ على الأمانة العلمية طول العمل.
المثقفون بالعربية في السنغال والحمد لله كثيرون ولكن الذين يكتبون وينشرون منهم قليلون. ومن يدري قد يكون هذا الكتاب دافعا لحركة قوية جديدة تعتني بالكتابة والتأليف والنشر حتى تعم الفائدة وتمتلأ المكتبة العربية الإسلامية السنغالية كتبا وعلما وثقافة.
وأخيرا لقد وعدنا المؤلف بكتاب يخصصه بتفاصيل النسب والأخوة بشأن جده مام مَصَمْبَ تيام. ويوم ما يظهر الكتاب سيكون الناس على بينة بالعلاقات الأخوية المتينة بين الأسر الدينية، الأمر الذي يلعب دورا عظيما في ضمان الاستقرار الاجتماعي.


باحث في قسم الأبحاث والدراسات الإسلامية،
إيفان، جامعة شيخ أنت جوب دكار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى