فراغ تربوي في النصوص الدستورية..
أ. أحمد جاه
يشغل بالي عندما أطالع في دستور السنغال حيث ينصّ على أن “شعار الجمهورية كما يلي: شعب واحد هدف واحد عقيدة واحدة” شعار رنّان وطنّان بيد أني أحسبه فارغا من دلالات وطنية، وغير باعث لما في أعماق وجدان الإنسانية من أحاسيس.. إلا إذا ملأنا مفردات هذا الشعار بما يستحق من معان تربوية هادفة .. وأتساءل على عاتق من يتعيّن ملء هذا الفراغ الحادّ؟ هل يتعين على المجلس الدستوري حماة الدستور ومفسريه .. ؟ أم يتعين على العمداء في المفتشية العامة للتربية والتكوين IGEF ؟ أم على كوادر وزارة التربية والتكوين من مديري ورؤساء أقسام ومفتشين وخبراء هناك؟
وبرهان هذا الفراغ الحادّ ـ حسب تصوّري الهشّ ـ أنّي لم أطّلع بعدُ ـ واطلاعي ضيق ـ على وثيقة أو برنامج يحدد المقاصد في “شعب واحد” ويوضّح معالم هذا الشعب وخصائصه ومقومات انسجامه ، وينوّه بالقيم التي تحميه من التميّع والانهزام أمام قوى العولمة.. وفي عالم أشبه بالغابة وقوانينها..
وإذا اطلع القارئ على أثارة من علم عن تلك العبارة “هدف واحد” فليُفدنا عمّن حدّده! ومتى حدده وكيف ومع من؟؟ وما مداه الزمني؟ أقريب أم بعيد؟ وهل يمكن قياس هدفنا الموّحد هذا؟ وهل توفّرت معايير الإجرائية في هذا الهدف؟ أم هو فضفاض غير قابل لوجه من وجوه التحديد والتحقيق؟ كما يأباه علما التربية! أم يجمع بين فراغ في اللفظ وفراغات في الدلالة والمعنى؟ كما تعترضه الفلاسفة! وهل بقي “الهدف الواحد” منذ صياغة الدستور السنغالي منتظرا مهديا يستعجل فرجه ليملأ لنا هذا الفراغ..
ونتساءل كذلك في “عقيدة واحدة” هل هي عقيدة إسلامية؟ أم مسيحية؟ أم أفريقانية؟ أم زنجية ممزوجة بإسلام تحاور المسيحية وتعانقها؟ أم وثنية أرواحية؟ أم جمهورية علمانية؟ أم ديموقراطية ليبرالية؟ أم اشتراكية تنموية؟ أم حرية مطلقة؟ أم مقيدة؟ أم بين بين؟ أم هي عقيدة واحدة اتخذت أجنحة من كل فكر لتطير مع كل سرب وتسبح في كل تيار “مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء” وما وجه هذه الوحدة في عقيدتنا هذه؟
نرجو من كل قارئ أن يُعين الكاتب على فهم هذه الوحدة العقديّة، ولو بتوصيل وثيقة أو رابط يفتح له نافذة الفهم ويفكّ معضلة حيرته مع هذه العقيدة الدستورية.. أو يُعين بدعوة فلاسفة السنغال المتناثرين في الجامعات العالمية الراقية أمثال سليمان بشير جانج إلى عقد مؤتمر ملء الفراغ لشعار السنغال الدستوري .. هذا قبل أن يتساءل ذريتنا عن حدود هذه العقيدة في القنوات التواصلية أو المنصات الاجتماعية أو الأندية الثقافية، قريبا أم بعيدا. ولا نجد لهم جوابا مقنعا؛ فيقولوا إن أجدادنا وآباءنا عاشوا خواء وفراغا وجهلا مركّبا منذ الاستقلال إلى الآن مع كل ما أنفقوا من مليارات وأوقات في النظام التربوي السنغالي ، والذي لم يتمكن بعباقرته وفلاسفته ومؤرخيه وقضاته وعلماءه في الاجتماع وعلم النفس من ملء هذا الفراغ التربوي في مفردات شعار وطني رنّان وطنّان يستهلّ أهم النصوص الأساسية للوطن العزيز!
قبل هذا؛ فأخوكم في حاجة إلى من يعين على مراجع علمية سنغالية بأي لغة ليسد عن فؤاده هذا الفراغ والذي ينتج ـ ربما ـ من ضيق آفاقه عن ثقافة الوطن السياسي المكتوبة بلغة مولير…
“والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه”!