Articles

وإنك لعلى خلق عظيم !

جبريل لي ” السماوي “

وأيّ شرف أكثر بٌذوخا وأيّ مقامٍ أرفع شموخا، من أن يقلّدك رب السموات والأرض، النموذجَ المثالي الحيّ للانسان الكامل. فأصبحتَ معلّم الوجود، تحرّر الأنفس من براثين الوهم وتزرع في علياء السماء غيمة الأخلاق والشّيم. بالسّلوك الحسن صرتَ -يا رسول الله- سيّد الكمال في فضاء الجمال والضوء الشاشع فوق فلك الجلال.

يا أيها الانسان الكريم، إن هذه السفينة الدنيوية التي سترسو يوما في شواطئ الفناء والرّدى، لا تتّسع لتجربة كلّ شيء. فالحياة الإنسانية السعيدة، في هذه الدنيا الزائلة، تكون بالاتكاء على الامكانيّات والأهداف المتاحة للفرض فيها أقصر من قصير.
ولو أنفق الانسان أوقات وساعات ، يستلهم القدوات والأيقونات التاريخية، لاقتضى الأمر أن يعيش ألف تجربة مٌكلفة ورحلة عسيرة للبحث عن القدوة المثالية، وسيظل يحصد الخيبة تلو الأخرى، في كل التجارب التي يخوضها ويغوص في لججها.. ومن هنا (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) فرسول الله هو معيار العظمة والأيقونة الخالدة للكمال البشري .

اقرأْ تراجم العظماء.. ابتداء من تاريخ الطبري”تاريخ الرسل والملوك” مرورا بأسد الغابة لابن الأثير وصولا إلى الحلية لأبي نعيم وتهذيب الكمال للحافظ المزّي؛ لتنظر إلى الذين موْسقوا التاريخ. وكن عاكفا على سير القادة والحكماء في الحضارات الأخرى، الذين لم تزل أقلام الدهر، ترسم أسمائهم على لوائح الزمان. فمهما بقيتَ في قبضة الدهشة والحيرة، من التمتّع بروائع أخبارهم والتصفّح لجرائد بطولاتهم، ستجد أنهم جميعا مجرد كواكب صغيرة، يدورون كلّهم حول فلك النجم الأعظم رسول الله عليه الصلاة والسلام ..

أيها الباحث عن الملاذ الأمين وعن المرشد الخالد، الذي لا يتبدّد عن مسالكه ولا يساوم على المبادئ والقيم، ولا يخذلك وسط الجسور المحطّمة ولا يتركك داخل دٌجى الأنفاق المٌعتمة..اجعلْ رسول الله مقياسا لكلّ شيء. بقدر ما تقترب إلى ارشاداته البهيّة تقترب إلى تلال الهدى وإلى فيوض الرّشاد، فتجد قنديلا ساطعا تمشي به سويّا على الصراط المستقيم لتصل إلى ذروة الحياة المثلى. وكلما ابتعد الانسان من ينابيعه الصافية ازداد عطشا في فلوات الضلال، وتورّط إلى أعماق غابات النقصان.

وإليك موقف نبوي عظيم، يجمع بين العبقرية الفذة في حلّ الأزمة والحنكة الاستراتيجية في التعامل مع الطبائع البشرية. والقيادة الراشدة وكمال الانسانية.قرأته في كتب السيرة، ولم تزل عظمة القصة تأسرني إلى حد التماهي وقراءتها تجعلني متمايلا كمن فقد وعيه

بعد الانتصار في غزوة حنين ، قام الرسول عليه الصلاة والسلام بتوزيع المغانم على قبائل العرب التي أسلمت حديثاً ، ليؤلف بها قلوبهم حتى وجد الأنصار في أنفسهم شيئاً من ذلك.. فذهب سعد بن عبادة زعيم الأنصار إلى النبي عليه الصلاة والسلام يشكو إليه ذلك.. فأمره النبي عليه الصلاة والسلام أن يجمع له الأنصار ..فلما اجتمعت الأنصار قال لهم رسول الله عليه الصلاة والسلام: يا معشر الأنصار؛ مقالة بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم ؟
ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله بي ؟ وعالة فأغناكم الله بي ؟ وأعداء فألف الله بين قلوبكم ؟
قالوا : بلى، والله ورسوله أمنٌّ وأفضل. فقال صلى الله عليه وسلم :ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟ قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله المنٌّ والفضل. قال : أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصُدقتم : ” أتيتنا مكذبَاً فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فآويناك، وعائلا فآسيناك “
ثم قال الرسول عليه الصلاة والسلام: يا معشر الأنصار ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعون برسول الله إلى رحالكم ؟ والذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار، ولو سلك الناس شِعبا وسلكت الأنصار شِعبا لسلكت شِعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار

السماوي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى