بائعة المناديل ..
الأستاذ فيصل بن سعد الجبر
إمرأة مسنة وضيئة المحيا ، مشرقة الوجه ، تجلس على قارعة طريق فرعي وسط حي الدقي يؤدي لجامعة القاهرة .
تبيع بضعة مناديل على منضدة الكرامة.
تجلس على كرسي صغير بالكاد يتحمل أثقال كاهل أثقله ثقل السبعين من عمره.
هي تختلف عن البائعات أمثالها.
فبالرغم من بساطتها وشدة حاجتها إلا أنها كانت أنيقة في عبارتها وفي ملبسها المتواضع .
شفافية نظراتها تجتمع معها دموع تكاد تترقق حبست في محاجرها، تعكس عن نفس عفيفة تقاوم شظف تصحر الحياة وألم خريف العمر وأعباء جفاف أوراقه المتساقطة.
كانت تستلطف كريم الحياة بكريم من يفك لغز منضدة الكرامة وحفظ ماء الوجه.
مررت بجانبها لأسمع دعواتها الممزوجة ببسمة الشقاء مما حداني لاقترب منها وأمد لها بضع جنيهات كان ثمرتها أن زرعت بها الجدة بستانا من السعادة في قلبي ، وانشراحا في صدري ، ذلك لأني سمعت دعوات أمي لي وهي تجري على لسانها.
في الحقيقة أن مثل هؤلاء الكرماء هم هدية الله لنا أثناء مسير حياتنا المتأزم
فنحن المحتاجون لهم قبل حاجتهم لنا.
دعواتهم الطيبة الصادقة صدقة منهم علينا. تلكم الدعوات لها اجنحة تحلق الى السماء وترفعها الملائكة لتكون سببا في تفريج كربة أو دفع أذى وتسهيل طريق .
مضيت في طريقي وقد سكبت بائعة السعادة من عمق وجدانها الصادق كل معاني السكينة والطمأنينة في نفسي وحسن الظن بمعية الخالق عزوجل .