Articles

!..من وحي البطولة

د. أحمد سيك

الحلقة الأولى:
كل من يفهم شيئا من أبجديات كرة القدم يدرك – لا محالة- أن الانضباط التكتيكي كان من أهم أسباب فوز منتخبنا الوطني (السنغال) بكأس الأمم الإفريقية للمرة الأولى منذ تأسيسها.
فالمدافعون كانوا أسودا أمام العرين؛ استماتوا في حمايته من الهجمات المرتدة، والهجومات المعاكسة، والتمريرات الذكية من قبل المهاجمين المحنَّكين ، سواء أكانت تلك التمريرات مصوَّبة نحو العمق لاستغلال سوء تمركزهم – أحيانا- وتشتيتهم وإلحاق الضرر بهم، أم أتت خطيرة من الأطراف تبحث عن قدم طائشة تسكنها في الشباك؛ لذلك لم تستقبل مرمانا سوى هدفين فقط طوال البطولة.
ولاعبوا الوسط بقيادة (غانَّا غي) قاموا بدور همزة الوصل بين المدافعين بقيادة (كوليبالي) والمهاجمين بقيادة (ماني):

  • يطوعون الكرة ويروضونها ويسحرون بها عيون الخصم.
  • يأخذون من هؤلاء ويسلِّمون لأولئك بطريقة سلسة وذكية ترهق المنافس وتقصم ظهره ، وتطرب المشاهد وتمتع المتفرج.
  • يساندون الدفاع عندما نخسر الكرة ويشدون من عضد المهاجمين عندما تكون الكرة بحوزتنا وتحت تصرف أقدامنا.
    وهذا الربط بين الأجزاء وذلك التقريب بين الخطوط تولد منه كثافة عددية للاعبينا في منطقة الجزاء للفريق الخصم وأنتج تسعة أهداف كانت كافية لتقلد الذهبية وخطف البطولة.
    فالالتزام والانضباط وعدم الخلط بين الأدوار في الملعب، والتعاون المستمر كل ذلك مجتمعة هو سر الفوز بالبطولة، ولولا ذلك لرجعنا من (ياهوندي) بخفي حنين كما اعتدنا في المناسبات السابقة، والنسخ السالفة.
    آه.. أعتذر لكم يا فرسان هذه المسالك، فإني قد أتخمتكم بهذه التحليلات المسكينة التي أنتم أدرى مني بها، لذا فإني أنصرف عنها إلى ما هو أهمُّ؛ وهو أننا -معشر الشعب السنغالي- بحاجة ماسة إلى تقمص ذلك الانضباط والالتزام الذين كانا من أهم أسباب فوز الفريق بالبطولة في نظري.
    نعم، نتقمصه في وزاراتنا وإداراتنا العليا ومكاتبنا ومدارسنا ومتاجرنا ، بل في حياتنا كلها؛ فالعشوائية والارتجالية واللامبالاة والازدواجية في تقلد المناصب لا تنتج غير الحسرة والندامة، ثم الفشل في حصد البطولات، وتخليد الأمجاد.
    فالوزير الذي يسعى لرئاسة بلدية – مثلا- وتحميل نفسه مسؤوليات أخرى جسيمة لا فرق بينه وبين مدافع يزاحم المهاجمين في منطقة جزاء الخصم! فإنه قد يباغَت بهدف أو أكثر في مرماه، فيخسر الرّهان، ويكبد فريقا بأكمله الهزيمة؛ لتصرفاته الخاطئة وعدم التزامه تكتيكيا.
    فإذا أراد رئيس الجمهورية أن ينفخ الروح في هذا البلد وينهض به ويفوز ببطولته هو فعليه أن يبني فريقا كفريق (علي سيسي)؛ كل يبذل قصارى جهده لحماية العرين، ويركز على الدور الذي علق على عاتقه، مستشعرا عظم المسؤولية، مع تقديم مصلحة الفريق على المصالح الشخصية، والألقاب الجماعية على الجوائز الفردية، وخلق جو من التفاهم والتعاون المستمر بين لاعبي الفريق؛ من أجل التقدم وإحراز الأهداف لكسب البطولات، وحينئذ سنخر له شاكرين.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى