actualite

مقال : السينما تصلح ما أفسدته السياسة !..

د. مصطفى افاتي

ندرك جميعا أننا نعيش في عالم تسيطر عليه الثقافة الغربية، فالإنسحاب بعد الإستعمار لم يكن كليا ولا كاملا ولا حقيقيا. طيلة فترة الإستعمار كان الغرب مسكونا بالبعد الثقافي أكثر من الإقتصادي المتعلق بالثروات، فتح المستعمر المدارس وأرغم أبناء الطبقة الأوروستقراطية على التمدرس ونشر ثقافته في ما يتعلق بالملبس والمأكل والمركب وحتى بعض تفاصيل حياتنا الدقيقة حتى أصبحت مجتمعاتنا أسواقا مفتوحة للبضائع الغربية…!
لا نشعر بالراحة إلا حين نقضي العطلة في باريس أو لاسبالماس. نستهلك التلفاز وندمن مشاهدة الأفلام الآمريكية كما نشرب الشاي وتثير لدينا الحماس والإعجاب ونحفظ أسماء الممثلين الكبار والنجمات السينمائية الغربية وحتى الهنديه.
يدفع إلينا المجتمع الغربي بأجمل النساء وأكثر الرجال قوة وأصحاب العضلات المفتولة وهم يقارعون الأسود والحيوانات المفترسة ومشاهد يقضون فيها على عشرات الرجال. وأحيانا سيناريوهات عن عدالة الغرب وإنسانية الغرب ومكانة المرأة في الغرب وإستقامة الغرب وأمانة الغرب، فنقول نحن حينما نتحدث عن الإلتزام والإنضباط: فلان نصراني وفلانة متنصرية.

هذه الصورة لممثلين عملاقين هما: ليوناردو ديكابريو و زميله دجيمون هنسون في فيلم: جوهرة الدم الذي يتحدث عن دراما إجتماعية تدور أحداثها حول سوق المجوهرات والنزاعات المسلحة في سيراليون. عرض الفلم 2006 وقد حاز على أعلى الجوائز السينمائية.
تنفق الولايات المتحدة الآمريكية مليارات الدولارات على السينما وتجني من عائداتها مليارات الدولارات أيضا. وتفتح لها السينما كذلك قلوب وبيوت وعقول ملايين البشر.
هوليود ليست مدينة للسينما فقط بل للسياسة والإقتصاد والصناعة العسكرية أيضا، فيها يصلح الممثلون أخطاء الساسة، فيها ظهر رامبوا بطلا منتصرا في حرب افيتنام بعد أن خرج منها الجيش الآمريكي يجر أذيال الهزيمة. في أفلام آمريكا لا عنصرية ولا فقر ولا هزيمة ولا إنكسارا. في أفلام آمريكا يكتب المجد لآمريكا وللقوة الآمريكية والسلاح الآمريكي.
في السينما رجال آمريكا يهزمون جيوشا كاملة.
أيام الجامعة طلب مني أحد أقاربي زيارته في البيت لأقدم نصائح لإبنه الذي لا يعطي أهمية كبيرة للدراسة وهو في السنة الأولى إعدادية. حضرت وطلبت من الطفل أن يحضر دفاتره وبينما أتصفح دفاتره عثرت على ورقة مكتوب عليها : ممثلي المفضل ونموذجي : رامبو وأدي مرفي….، فتعجبت وقلت له: وهل تعرف عن هؤلاء شيئا؟
فقال والده من هؤلاء ؟ قلت له : أسماء ممثلين آمركيين، نجوم السينما، فإستشاط غضبا وقال له: لماذا لم تقل حسن نصر الله، لماذا لم تقل فلانا وفلان…!
قال أحد المخرجين الكبار: أعطني مسدسا وإمرأة جميلة أصنع لك فلما يكتسح العالم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى