Articles

مقال: الأستاذ “بابكر غي” اسم يبقى في ذاكرة الدعوة والعمل الخيري

بقلم: الأستاذ فاضل صار

 الأستاذ بابكر غي رجل الدعوة والحركة

 عرف السنغال رجلا كان حركة دؤوبة، ونشاطا مستمرا، لا يعرف الكَل ولا الملل، كان ساعي الخير مقبلا، ومصلحا منتظما، كان داعية حكيما، ومستشرفا متفائلا، قد أضاف للمشروع الإصلاحي إضافة نوعية، كان حليفا للشباب ومُقدِّرا للشيوخ، كان من رواد الأول لجماعة عباد الرحمن، في ارهاصاتها وتأسيسها وتطورها، ذلك الرجل هو قصير تياس الذي لم يُقَصِّر لا في واجبه ولا في حق غيره، فهو:

اسمه ولادته ونشأته

هو بابكر غي الملقب ب ( خليفة ) نسبة إلى سميه السيد أبي بكر سه الخليفة الأول لسيد الحاج مالك سه مؤسس الزوايا التجانية في السنغال – رحمهم الله تعالى – بن نجوغو غي، ووالدته السيدة جور جينغ، ولد في 1/1/1948م بتياس.

الأستاذ بابكر غي اليتيم

عاش الأستاذ بابكر يتيما لطيما، مثل معلمه وصهره الأستاذ علي جوف الذي تقدم ذكره، في فقدان الوالد مبكرا؛ ذلك أنه فقد والديه وهو ابن الخامسة من عمره، شأنه في ذلك شأن النجباء ممن أثروا في مجتمعاتهم، بدءا بسيد ولد آدم نبينا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – الذي لم ير والده النجيب، ومرورا بباني فقه الحديث الإمام الشافعي الذي توفي والده وهو ابن عامين، وحافظ العلوم النبوية الإمام أحمد بن حنبل الذي توفي والده وهو ابن ثلاثة أعوام[1]، والسيد الحاج مالك سه صاحب الزوايا التجانية الذي لم ير والده الشجاع، وانتهاء بمعلمه ومربيه الأستاذ علي جوف الذي فقد والده الحنون وهو ابن خمسة أعوام، فتكفيه التسلية من مصاب اليتم أنه شاركه خير الورى وخيارا من بعده إلى شيخه ومربيه.

مشواره العلمي

  • المشوار القرآني

تعلم الأستاذ الحركي بابكر غي القرآن الكريم على عمه ( إبر فَرِ غِيْ )، وعلى يده حفظ كتاب الله المجيد كما يقول تلميذه الوفي الدكتور ألحاج موسى فال، وكان الفقيد الأستاذ بابكر غي قوي الذاكرة حاد الذهن، سريع البديهة باستحضار الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في محاضراته ودروسه العلمية.

  • ب‌-                       مشواره العلمي الشرعي

تعلم الأستاذ بابكر غي مبادئ اللغة العربية والعلوم الشرعية على أيدي الأساتذة الأجلاء في إقليم تياس، وعلى رأسهم شيخه وصهره الأستاذ علي جوف أول أمير لجماعة عباد الرحمن، والأستاذ مالك انجاي الأنموذج لهذه الدراسة، والأستاذ انجاسِي امباي من أكابر علماء منطقة تياس، فتعلم من هؤلاء الأعلام المقررات اللغوية والشرعية في البلاد، لتأهيل النشء في معرفة أموره دينهم، والتهيؤ لتحمل أعباء الرسالة الإسلامية في الوطن، قبل مشاركته في مسابقة الالتحاق بدار المعلمين بنجاح لافت، وذلك عام 1966م، وقضى ثلاث سنوات في المعهد الذي أعد لتكوين معلمي اللغة العربية تكوينا مكثفا خاصا، قبل أن يتحول إلى ثانوية للدراسة النظامية في البلاد.

وبعد هذه السنوات الثلاث سافر إلى تونس للسنة الرابعة التكميلية، كما هي المقررة لمنتسبي المعهد آنذاك، وهي عبارة عن سنة كاملة للتكوين البيداغوجي.

وللمزيد من معرفة هذه المدرسة التي تخرج فيها الأستاذ بابكر غي، نستمع إلى  تلميذه الدكتور الحاج موسى فال يعرف لنا إياها، فيقول: ” وإنشاء مدرسة فرانكو عراب، كان من ضمن السياسة التعليمية الوطنية الجديدة، بعد استقلال السنغال في سنة 1960م، وكان الهدف منها سَنْغَلَة التربية الوطنية، وبناءها على مبادئ أخلاقية إفريقية، وقيم ثقافية دينية.” ثم نقل تصريحا للمناضل رئيس المجلس الحكومي السنغالي السيد محمد جاه في كتابه المعنون ( مذكرات مناضل من العالم الثالث)، حيث يبين إسهاماته في الإصلاح الإسلامي: ” من أجل المشاركة في نضال التعليم العربي قد دافعنا بصفتنا عضوا في مجلس الشيوخ الفرنسي، ومستشارا في الشؤون الإفريقية الغربية الفرنسية، عن تعليم اللغة العربية التي تعتبرها الإدارة الاستعمارية والمدرسة العلمانية لغة منافسة خطيرة عليها. ولقد قمنا كذلك بتوفير منح ومساعدات دراسية للطلاب منذ السنة الأولى من الاستقلال... وإنشاء دار المعلمين ( فرانكو عراب).”

ثم استطرد قائلا: “ ويرجع إنشاء دار المعلمين ” فرنكو عراب ” إلى القرار رقم 698 بتاريخ 5 أكتوبر 1963م الذي ينص على ضرورة إنشاء مدرسة عربية فرنسية لدراسة اللغة العربية كلغة حية وأدب بالإضافة إلى اللغة الفرنسية، باسم دار المعلمين “فرانكو عراب” على غرار دُور المعلمين باللغة الفرنسية التي كانت منتشرة في طول البلاد وعرضها. وبعد فتح دار المعلمين أحضر لها أساتذة من الجزائر وتونس للإشراف عليها وكانت مدة الدراسة فيها في بداية الأمر ثلاث سنوات، وتتوج بسنة رابعة للتدريب البيداغوجي في تونس بالمدرسة الوطنية لتكوين المعلمين[2]


[1] – انظر: أمهات صنعن رجالا، masrawy. Com 3/6/2020م.

[2] – انظر: فال، الحاج موسى، الأستاذ بابكر غي كما علمني، مشروع كتاب أعد 26 يناير 2020م، في حوزة الباحث، ص9.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى