actualite

المولد النبويّ مناسبة لنشر الرحمة والتزام تحرير فلسطين والقدس ورفع الظلم

في ذكرى المولد النبويّ الشريف، تتوجّه أمانة الشؤون الدينيّة في المؤتمر الشعبي اللبناني من المسلمين خاصّة ومن كلّ أتباع الرسالات السماويّة بالتهنئة، لأنّ المناسبة بشرى بالرحمة، والتراحم، والسماحة، والائتلاف، من أجل إسعاد الإنسان وتكريم الإنسان كلّ إنسان، وتؤكّد الأمانة على الثوابت والمواقف الآتية:
(١)- إنّ الإسلام دين الرحمة، ونبيّه عليه الصلاة والسلام جاء بالرحمة للعالمين، وبمنظومة القيم والأخلاق التي نبعت من الدور الرسالي، فعمّ خيرها الاجتماع البشري عامّة، وكان ذلك التزاماً بقول اللّه تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) “سورة الأنبياء ، الآية ١٠٧”.
وفي الحديث النبويّ الشريف: “إنّما بعثت رحمة مهداة.” وفي الكرامة الإنسانيّة قول اللّه تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) “سورة الإسراء ، الآية ٧٠”.
(٢)- أمام مجريات المسارات على المستوى العربي، وحيث حاد بعضهم عن جادة الصواب بشأن قضيّة فلسطين قضيّة العرب الأولى، وفلسطين في قلبها القدس مهد النبوّات وأرض الطهر والمقدّسات، وفيها الأقصى أولى القبلتين، وثاني المسجدين بعد البيت العتيق، وثالث الحرمين الذي تشدّ إليه الرحال، ومسرى صاحب الذكرى نبيّ الرحمة محمّد عليه وعلى الأنبياء والرسل الصلاة والسلام، وهذا التخاذل والتخلّي عن الثوابت لا يفيد معه إثارة معارك هامشيّة لتضييع القضيّة المركزيّة، فمقاومة الاحتلال الصهيوني وشركائه المهمّة الأولى لكلّ مؤمن حرّ شريف ولكلّ وطني مخلص، والتحرير وطرد الاحتلال هو الاحتفال الحقيقي بالمولد والميلاد معاً، حيث يتعانق المسجد الأقصى مع كنيسة القيامة.
(٣)- وبموضوع عنصريّة الرئيس الفرنسي ماكرون وأمثاله في أوروبة الغربيّة نطالبهم التزام ما نصّت عليه قرارات المجمع الفاتيكاني الثاني عام (١٩٦٥) وهو المرجعيّة الدينيّة للكنيسة الكاثوليكيّة، كنيسة ماكرون ومن يسيئون للنبيّ وللمسلمين وللرموز الدينيّة عامّة في أوروبة، وممّا جاء في قرارات المجمع الفاتيكاني الثاني: “وتنظر الكنيسة أيضاّ بتقدير إلى المسلمين الذين يعبدون اللّه الواحد، الحيّ القيّوم، الرحمن القدير الذي خلق السماء والأرض… ثمّ إنّهم ينتظرون يوم الدين الذي يجازي اللّه فيه جميع الناس بعد ما يبعثون أحياء من أجل هذا يقدّرون الحياة الأدبيّة، ويعبدون الله بالصلاة والصدقة والصوم… ولئن كان قد وقع، في غضون الزمن، كثير من المنازعات والعداوات بين المسيحيّين والمسلمين، فإنً المجمع يحرّضهم جميعاً على نسيان الماضي، والعمل باجتهاد صادق في سبيل التفاهم فيما بينهم، وأن يحموا ويعزّزوا كلّهم معاً من أجل جميع الناس، العدالة الاجتماعيّة، والقيم الروحيّة، والسلام والحريّة.”
فماكرون وغيره من الحاقدين والمسيئين والعنصريّين مطالبون أن يلتزموا ما قرًرته كنيستهم ليس أكثر.
(٤)- إنّ فرنسة وغيرها من دول أوروبة، ومعهم الولايات المتّحدة الأمريكيّة قد مارسوا عبر التاريخ ولا يزالون الاستبداد، والاستعمار، والاستعباد، من الاتجار بالبشر كرقيق، خاصّة من الملوّنين، إلى احتلال البلدان واستباحتها، وصولاً إلى تصنيع الحركة الصهيونيّة ومشاركتها في احتلال فلسطين، وتشريد شعبها، مع محاولات التهويد، والجرائم اليوميّة، وتهديد الأمن القومي العربي خاصّة وفي الإقليم عامّة، فهل يريد ماكرون ومن يتعاطف معه أن يزيدوا في إجرامهم أم أنّ واجبهم الاعتذار وردّ ما سلبوه من ثروات الشعوب وآثارها؟
(٥)- إنّ الإسلام دين الرحمة والهداية لا تقبل طبيعته عنصريّة ولا تطرّفاً أو تعصّباً أو عدواناً على حُرمات أحد، كما أنّه يؤكّد على الخُلق السليم والمعاملة بالعدل في الاقتصاد والعمل والعلاقات مع الآخر، وهذا باب اطمئنان للجميع، وتطالب الأمانة المسلمين بأنّ الاحتفال يجب أن يكون تواصلاً يومياً مع الهَدي النبويّ، والخُلق النبويّ، والشمائل النبويّة، كي يستقيم فعل المسلم قولاً وسلوكاً، وبذلك يكون لذكرى المولد النبويّ الشريف حضورها، في كلّ وقت وحين.
وفي ختام بياننا هذا، نذكّر بأنّ المواثيق الدوليّة، في القانون الدولي الإنساني، وحقوق الإنسان، ثريّة بالمواد التي تُلزم ماكرون وسواه بأن يحترموا معتقدات الآخرين، وأن لا يسيئوا للرموز الدينيّة، ومن هذه المواثيق على سبيل المثال لا الحصر (الاتّفاقيّة الدوليّة بشأن الحقوق المدنيّة والسياسيّة) التي وافقت عليها الجمعيّة العموميّة للأمم المتّحدة بتاريخ ١٦-١٢-١٩٦٦، وفي نصّ المادّة ٢٠:
“أ- تُمنع بحكم القانون كلّ دعاية من أجل الحرب
ب- تُمنع بحكم القانون كلّ دعوة للكراهية القوميّة أو العنصريّة أو الدينيّة من شأنها أن تشكّل تحريضاً على التمييز، أو المعاداة، أو العنف.”

بيروت في ١٢ ربيع الأوّل ١٤٤٢ للهجرة، ٢٩-١٠-٢٠٢٠

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى