actualite

أخطاء العلماء تناقش بالعلم ( 2)

د.محمد موسى كامارا

الصّواب في التّنبيه على أخطاء العالم، أن يكون خاصًّا بالمجال الذي أخطأ فيه، ثمّ يكون التّحذيرُ بناءً على ذلك المجال لا غير؛ فلو كان للعالم كلامٌ في الأصول والفقه والعقيدة على سبيل المثال، وكان مخطئًا في أكثر أقواله العقَديَّة؛ كان التّنبيه على خطئه في هذا الباب فقط، لا التّحذير منه وإسقاط فضوله ومحاسنه في جميع أبواب العلم جملةً واحدةً.
والأسف الممضُّ أنَّنا عكسنا الأمر تمام العكس، فما إن يخطئ عالمٌ في مجالٍ من مجالات العلم، حتّى نخرج بالتّحذير الأحمر من كلّ حسناته وسيّئاته، والعجب أنَّ أديبًا جليلًا مثل الشّيخ عليّ الطّنطاويّ، كانت له نظرات في مسألة الطّلاق، إذ كان يعمل قاضيًا في محكمة النّقض في بلده، تحرّى فيها المصلحة، مستندًا إلى ما صحّ عنده من الدّليل، وخالفه فيها بعض العلماء، فقال فيه ما قال، فأُصْدِرَ تحذيرٌ أحمر من عليّ الطّنطاويّ، ونُشر ذلك التّحذير على العامّة بلا استثناء ولا تحرُّج، مع أنّ هذا الرَّجل من أكثر الأدباء التزامًا بمنهج الإسلام في جميع ما كتب، وقد قرأنا كتبه فلم نجد فيها حرفًا واحدًا لا يدعو إلى الفضيلة والأدب.
وقد أوقعت هذه التّحذيرات، كثيرًا من طلّاب العلم في بليَّة محرجةٍ لا فكاك منها، وما زلت أسمع صوتَ طالبٍ أتاني قبل أيّام، وهو يشكو ما هو فيه من الحيرة الزّائغة في الاستماع إلى العلماء، ومتابعتهم، والاستفادة منهم، فما من عالمٍ إلّا وقد حُذِّر منه، بلا تفرقةٍ بين خطئه وصوابه، وبلا خوفٍ من الله في الشّهادة بالكذب والزّور على النّاس، ولله درّ الإمام الذّهبيّ إذ قال: “لو أنّنا أهدرنا كلَّ عالمٍ زلّ؛ لما سلم معنا إلّا القليل”.
كاتب وباحث من غينيا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى