مقالات

رأي في أزمة النيجر وخيارات المجموعة الأفريقية ..

أ.فاضل غي

ليس من بين المواطنين الأفارقة من يؤيد الوصول إلى الحكم عن طريق انقلابات عسكرية ،ذلك لأن العسكر مكانهم الثكنات وليس كراسي الحكم ، لكن الانقلابات المتعاقبة أصبحت ظاهرة في عدد من دول الساحل الإفريقي ، حدث الانقلاب مرات في جمهورية مالي ، وحدث كثيرا في بوركينافاسو ، كما تكرر في غينيا كوناكري ، وفي كل هذه الانقلابات حاولت المجموعة الإفريقية إعادة السلطات إلى المدنيين بالحوار حينا ،وبفرض عقوبات إقتصادية أحيانا ، لكن هذه الخيارات تفشل في الغالب لازدواجية المعايير والكيل بمكيالين التي أزعم أنها إملاءات تفرض على قادتنا من المستعمر القديم المتجدد .
وفي السنوات الأخيرة تتابعت الانقلابات العسكرية في أكثر من دولة إفريقية بحجة أن الرؤساء المنتخبين يحكمون بطريقة لا تخدم الأوطان ولا المواطنين ، إنما هم حكام يتواطؤون مع فرنسا وغيرها ليستمر الاستغلال البشع لثروات البلاد الطبيعية مثل اليورانيوم والذهب ، والفوسفات والغاز ، لتبقى القارة فقيرة وهي تنام على كنوز الموارد الطبيعية الثرية ،لذلك حسب رأيي أصبحت الشعوب الأفريقية تؤيد الانقلابات العسكرية ( على الأقل في السنوات الأخيرة ) وصار الشباب يلتفون حول المجالس العسكرية مؤيدين التغيير ،بل رافعين شعارات مضادة للوجود الفرنسي ،وداعين إلى الانصراف عن علاقات “فرنسا -إفريقيا ” والإقبال على التعاون مع روسيا التي يرونها “أقل الضررين ” حلم الشباب الافريقي اليوم هو التخلص من قبضة فرنسا الدولة الطماعة دوما والساعية لإبقاء الاستعمار القديم بثوب آخر .
وهنا نود مخاطبة المجموعة الاقتصادية الأفريقية “ايكواس ” التي تصر على إعادة الرئيس النجري المخلوع بازوم إلى سدة الحكم بتدخل عسكري ،أن هذا الخيار حافل بالمخاطر ، ليس فقط أنه سيفكك أواصر المحبة والأخوة بين أبناء القارة ،لكنه سيولّد مشاعر الكراهية والانتقام لتدخل دول المجموعة الأفريقية الضعيفة أصلا في دوامة عنف واقتتال لا تحمد عقباها .
وعلى القادة الأفارقة التريث والبحث عن خيارات أخرى بديلة مثل التفاوض والحوار مع المجلس العسكري النجري الحالي للإسراع في تنظيم انتخابات رئاسية أخرى لتعود السلطة إلى المدنيين ،وما أرى أن حالة غامبيا التي دفعت المجموعة إلى التدخل العسكري
لإجبار الرئيس يحيى جامي على ترك التشبث بالسلطة بعد أن خسر الانتخابات الرئاسية وتنصيب”بارو ” الفائز بأغلبية أصوات الغامبيين .. سيناريو ليس من الذكاء محاولة تكراره في النيجر .. فحالة النيجر مختلفة والظروف ليست هي الظروف ، الرئيس “محمد بازوم ” الذي انقلب عليه الجيش مازال في أيدي الجيش ، فكيف يا ترى يمكن انتزاعه من أيدي السلطة العسكرية وإعادته إلى كرسي الحكم عنوة دون أن تشب حرب حامية الوطيس بين المعسكرين ،؟
والواقع أن النيجر في غنى عن إراقة الدماء بين أبنائها وبين جيوش الدول الشقيقة لها .
وكل من يتابع الوضع الآن في النيجر يلاحظ أن الشعب النجري بشبابه وكهوله وشيوخه مع الجيش ، ولا أدل على ذلك من الشعارات التي ترفع من قبل أبناء الشعب النيجري والتي تعتبر المجموعة الأفريقية نقابة لرؤساء دول خونة يخدمون مصالح الغرب ،ناسين الفقر والجوع والمرض والويلات التي يعاني منها أبناء أفريقيا جنوب الساحل ،ودول غرب إفريقيا بشكل عام .

كاتب وإعلامي سنغالي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: