المثليةفي الثقافة_السنغالية
المفتش عمر لي
إن الثقافة السنغالية تستهجن المثلية بكل صورها وتمجّها مجّا قاسيا، ففي طفولته المبكرة ينشأ الطفل السنغالي في بيئة تميز بين الذكر والأنثى تمييزا حادّا في اللعبة والملبس والمشية والحديث… فيكبر الطفل لتكبر معه هذه الوجهة التمييزية بين الجنسين، ويشعر بالضيق حينما يحس أن أحدهم يكاد يدرجه في قائمة الجنس المغاير، وتراه يرسل انتقاداته اللاذعة -وبلا هوادة- إلى تلك الفتاة التي تنسى أحيانا أنها من الجنس اللطيف، وإن كانت انتقاداته للذكر حين يحيد عن الرجولة أشد قسوة وعنفا…
وفي لغته التي تعكس ثقافته يستعمل الولفي لفظ: ذكر/أنثى، ويريد به كل ذكر يتشبه ويميل إلى الأنوثة كلاما وملبسا ومشية، ولعل المعجم الولفي لم يكن يقصد من وراء ذلك التعبير المزجي أكثر من عملية التشبّه، لعلهم لم يكونوا يعرفونه (اللواط) في مجتمعاتهم كظاهرة اجتماعية حية أو كحاجة فردية قائمة، بقدر معرفتهم له كسلوك غير إنساني استأصل الله شأفة القائمين به حين أمطر عليهم حجارة من سجيل منضود، وهي تمثل معرفة نظرية بحتة، تكاد تنحصر في وسط المتعلمين العلم الشرعي…ولعل هذا التعبير المزجي الولفي لم يكن ليطال عملية الشذوذ الجنسي بالمعنى الحاضر، ذلك أن الكثير منهم -رغم حيائهم واجتنابهم استعمال بعض الكلمات- كانوا يفسرون عمل قوم لوط بتفكيكه وشرحه، وقليل منهم من يكتفي بالتعبير المزجي الولفي ليعبر عن الشذوذ الجنسي.
وفي اللغة الفلانية تراهم يستعملون التركيب المزجي نفسه: ذكر/ أنثى، مع تحريف للكلمتين، تحريفا يحمل في طياتها معاني الاشمئزاز والاحتقار والتنفير، مع اهتمام بالغ بتربية الطفل منذ طفولته المبكرة على هذه الوجهة التمييزية، حيث كانوا يخصصون لكل جنس مائدة ومجلسا.
لقد فهمت اللوبيات الداعية إلى المثلية هذه الثقافة النظيفة والضاربة في القدم، وعلمت بأن الطفل السنغالي باق على الفطرة السليمة بفضل تربيته القيمة وبيئته الطيبة، فانبروا إلى إيجاد برامج طويلة المدى وخطط خطيرة، واستغلوا الفاقة المنتشرة في البلد للتمييع ونشر المجون في البلد، ويظهر هذا البرنامج في المسرحيات والأفلام والكتب والاستعانة ببعض المشاهير (كالمغنين والحقوقيين والسياسيين)
وقد أصبح التشبه بالجنس المغاير أمرا عاديا لم تعد النفوس تستهجنه، ولعل صدر هذا التشبه ينتفخ ويثلج أكثر في بعض المناسبات (عاشوراء) حيث يبرز الرجل على ثياب امرأة ويرقص كما المرأة باسم الثقافة والعادة. ومن التجاوز أن ندعي أن هذا التشبه يفضي إلى الشذوذ الجنسي دون النظر إلى المعطيات الأخرى، لكن نستطيع أن نزعم أن هذه النظرة العادية لعميلة التشبه قد تكون كذلك -إن لم توقفها قوى جادة- لعملية اللواط، ولقد وجدنا متعاطفين لبعض المثليين السنغاليين الذين يعيشون في المهجر.
ولا شك أن القانون السنغالي رغم غموضه ومجازيته لا يجرّم المثلية، فالمثليون الذين يقبض عليهم الشرطة لا يلبثون إلا أياما حتى يطلق سراحهم، بل يحدث أن يسيروا إلى حالة أفضل بعد ذلك.
وهذا الذي جعل حماة الخلق والقيم -إضافة إلى برامج اللوبيات المهددة للقيم- يسعون إلى إيقاف هذا المد، ويدعون إلى تجريم عملية الشذوذ الجنسي. ولعل التجريم ليس بالسهولة التي يتصورها هؤلاء، بيد أن القوم لا بد أن يتميزوا بكثير من الحنكة، ويدرسوا القضية بزواياها المختلفة، ويبتعدوا عن هذه العاطفية التي تخرب أكثر مما تبني، وذلك بوضع برامج جادة قادرة على مجابهة اللوبيات بالتركيز في التربية، والعمل على إنتاج أفلام وكتب ورسوم كاريكاتية، إضافة إلى الاستعانة بالثقافة السنغالية العتيقة، تلك الثقافة التي لا ترحب بأي لون من ألوان المثلية.