actualite

من الأزمة إلى الأمل : خارطة طريق لتعافي الإقتصاد السنغالي

كتب – مور لوم

تسلّمت الحكومة الجديدة بلداً مثقلاً بالأعباء، مكبّلاً مالياً وإدارياً، وفي وضعية أكثر سوءاً مما كشفته تقارير ديوان المحاسبة. الرئيس بشير جوماي جاخار فاي أكد أن الدولة تكاد تفتقد هوامش المناورة المالية، فيما وصف رئيس الوزراء عثمان سونكو الوضع بـ”الطابق الرابع تحت الأرض”، ما يستدعي جهوداً استثنائية وتضحيات كبيرة.

وزير المالية شيخ ديبا شدد من جانبه على أن الشعب أثبت قدرته على التماسك في الأزمات، داعياً إلى الحفاظ على المكتسبات الوطنية وتعزيزها في هذه المرحلة الحرجة.

لم يعد هناك مجال للتأجيل. الإصلاحات يجب أن تكون جذرية، وتشمل: خفض نفقات الدولة: عبر تقليص مواكب السيارات، وتخفيض أسعار تذاكر السفر وبدلاته، والحد من ميزانية الجمعية الوطنية والرئاسة ورئاسة الوزراء، وتقليص أسطول المركبات وتكاليف الوقود، إضافة إلى خفض رواتب كبار المديرين والمسؤولين.
ترشيد التمويل السياسي: بخفضه 50%.
إلغاء ودمج الهياكل: مثل بعض الوكالات غير الضرورية، ودمج المؤسسات ذات المهام المتداخلة في كيانات أكثر فاعلية، من أبرزها دمج وكالات الطاقة، الطرق، التدريب المهني، ومؤسسات التمويل في بنك استثماري وطني موحّد.

استئناف مشاريع البناء: إذ أدى تجميدها إلى تراجع استهلاك الأسمنت بنسبة 25% وخسارة أكثر من 10 آلاف وظيفة.

إعادة إطلاق سندات ملكية الأراضي: لتسهيل حصول الفاعلين الاقتصاديين على التمويل البنكي ومواصلة أنشطتهم.

وقف الهدر في المؤتمرات: عبر تنظيمها في مقرات الوزارات بدلاً من الفنادق الفاخرة.

تظل محاربة الفساد ومتابعة المعاملات المالية ضرورة، لكن دون المساس بسرية الملفات أو بثّ الخوف في أوساط الفاعلين الاقتصاديين. فالمبالغة في المراقبة قد تدفع رجال الأعمال إلى الابتعاد عن النظام البنكي الرسمي. عودة الإقبال على صناديق الودائع الآمنة مؤشر واضح على تراجع الثقة.

التاريخ يعلّمنا أن الاقتصادات لا تنهض إلا بالثقة والإصلاحات الجذرية. على الحكومة اليوم أن تمضي بجرأة في خفض نفقات الدولة، وإعادة هيكلة مؤسساتها، واستعادة ثقة الفاعلين الاقتصاديين. فبدون هذه الخطوات، لا يمكن الخروج من “الطابق الرابع تحت الأرض” نحو أفق التنمية والاستقرار.

مستشار وزير التعليم العالي والبحث والابتكار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى