نحن وهم .. !

سليمان العقيلي

في زمنٍ يُعاد فيه طلاء القبح ليبدو جمالًا .. !
وتُبدَّل فيه الأدوار ليصبح الجلاد مُصلحًا والضحية موضعَ شبهة .. !
يتجرّأ البغاة دعاة الباطل وسفك الدماء على تشويه المدافعين عن الإنسان.
أيّ قلبٍ هذا الذي يرى الدم الطاهر فاسداً ؟ وأيّ ضميرٍ ذاك الذي يصفق للمظالم ثم يُهاجم من يرفع صوته طلبًا للسلام؟
الحق ليس انحيازًا سياسيًا، ولا شعارًا يُرفع في مواسم الضجيج.. !
الحق موقفٌ أخلاقيّ راسخ، يصدر عن الفطرة السليمة حين تُدرك أن صون حياة الإنسان هو أقدس الواجبات.
نحن لا ندافع عن طرفٍ في نزاع، بل عن مبدأٍ واحد لا يقبل المساومة: حرمة الدم الإنساني.
كل رصاصةٍ تُطلق على مدني، وكل بيتٍ يُقصف، وكل طفلٍ يُيَتَّم، ليست حدثًا عابرًا في صراعٍ طويل، بل جريمة ضد معنى الإنسان نفسه.

أنتم تتباهون بانتصاراتٍ واهية فوق ركام الجثث، ونحن نلملم وجع الضحايا ونتشبث بما تبقّى من ضميرٍ في هذا العالم المتوحش.
أنتم تبررون القتل باسم القوة، ونحن نؤمن بأن العدالة هي القوة الحقيقية، وأن الظلم ليس إلا سقوطًا أخلاقيًا وانفلاتًا من إنسانيتنا وقيمنا قبل أن يكون خيانةً لقيمة الحياة.

الفاشر ليست ساحة صراعٍ على النفوذ، وعلى ما يسيل له لعاب النهمين الطامعين. بل مرآةٌ يُختبر فيها الضمير الإنساني ؛
من يقف مع المذبوح لا يحتاج إلى تبرير، ومن يبرر للذابح يسقط مهما تجمّل بمنمّق الكلام .

نحن مع الإنسان،
مع كل دمٍ طاهرٍ أُريق بلا ذنب،
ومع كل صوتٍ بقي نقيًا وسط ضجيج المدافع.
هذا موقفٌ لا يُشترى ولا يُباع، يا مغردو الضحالة وكتاب الإفلاس ..
لأنه منبثق من جوهرٍ واحد لا يتبدّل: من عرف قدسية الحياة لا يمكنه أن يصمت أمام من قتلها