Articles

من يعطيهم حق الملكية لأراضينا.. !

أ.غانج سيك

كنت أتابع وسائل الإعلام خلال هذا الأسبوع ولاحظت أنّه لا يكاد يمرّ برنامج وإلاّ وفيه ذكر لمشكلة العقار في السنغال, والذي يمكن أن أستخلصه من كل ما سمعته أن هناك مجموعة قليلة لا يتجاوزون أصابع اليدين أعطوا لأنفسهم حق اقتسام تراب الوطن, فلا يمرّون على أرض إلاّ ويخرجون ما يثبت ملكيتهم لها, فقد أغمضوا أعينهم وفتحوا أفواههم , ولو أنهم رجعوا إلى رشدهم وحافظوا على الوطن وممتلكاته لكان خيرا لهم.
لا ينجو من هذا الجشع المجنون حتى الأماكن العامة والشواطئ التي كان يجلس فيها المواطنون ويستنشقون الهواء النقيّ , صار هناك من يخرج ورقة فيها توقيع يبيح له استغلال الأماكن المعدّة للمصالح العامة بدون حياء, كان السارق في القديم يستحي إذا اكتشف على حيلته, أما السراق في العصر الحاضر فلا يزيدهم ذلك إلاّ تمسّكا بالباطل.
أخشى إن لم نأخذ على أيدي هؤلاء أن يخرجوا في قادم الأيام صكوكا فيها توقيع يسمح لهم بأن يضربوا البحر بالتراب ويبنوا عليه ناطحات السحاب, إن لم نوقف هذه الأوراق ومن يوقّعونها سيخرجون ورقة فيها الأمر بتسوية المقابر وجعلها ملكا لفلان أو علاّن , ولا يهمّهم إذا مات السنغاليون أن يحرقوهم أو يرموهم في اليمّ.
إذا دخل حب العقار قلب إنسان أفقده عقله, ونزع منه الحياء, فصار لا يمرّ عليه يوم إلا ويخرج للناس ورقة يثبت ملكيته لما يملك, أنا لا أرى أن نحرق هذه الأوراق التي يخرجونها بين الفينة والأخرى, بل يكفي أن نكفر بما فيها, ونعلن عليهم حربا لا هوادة فيها, و نعارض المنكر ونشهّره, ونحفظ تلك الأوراق وتوقيعاتها في الأرشيفات الوطنية حتى إذا جاء الأحفاد عرفوا أنّ هناك من كان يجرؤ على أن يوقّع على باطل أو يشهد عليه .
هؤلاء لو أعطوا السنغال ومثله معه فلن يشبعوا, نزع الله من قلوبهم القناعة فأصبحوا يبنون ما لا يسكنون, ويسرقون ما لا يأكلون, ولو أنهم رضوا بما أعطاهم الله لصانوا ماء وجههم وكرامة أبنائهم, فليس هناك ذمّ أكبر من أن يقال لإنسان : إنّ أباك كان يبيع ما لا يملكه, أو يبني على أرض لم يشترها بماله ولا ورثه عن آبائه.
إن هذا الاقتسام الذي يشهده الوطن يجب أن ينتهي, فليس من صالح الوطن ولا من صالح من يرتكبه, فإن كانوا يرجون من وراء ذلك مالا, فالذي يشبع الإنسان في اليوم لا يتجاوز كسرة خبز وقارورة ماء, فلينته هؤلاء الأثرياء المفلسون على بيع الدين والأراضي ! ولا ينسوا أن الله توعّد لمن جمع المال وعدّده ، و في سبيل الله لا ينفقه!
إنّ المنطق السليم يقول: يجب أن نبني أوطاننا لا أن نسرقها! أنّ نقدّس التراب فلا يخرج منه شبر في غير وجه حقّ! ما يكفي الشخص في الحياة قليل, وما ينتظره بعد الممات كثير , فلم يسلك الواحد منا جميع الطرق لجمع المليارات قبل الرحيل! ؟ لا نلوم من يجمعها على وجه حقّ وينفقها في مصالح العباد والبلاد! ولكن اللوم كل اللوم على من يقول مليار أو موت, ونسي هذا أو تناسى أنّ الغاية عند العقلاء لا تبرّر الوسيلة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى