Articles

مقال رثاء : فاسترح في قبرك يا ابراهيم!! واننا بك لاحقون!!

د.محمد حبيب الله سي

نحن واياك منذ أربعة عقود على الصداقة الصادقة!!

أيها “الشيخ ابراهيم انجاى جاه” أبيت الا أن تودعنا من هذه الدنيا الفانية صبيحة الأحد بتاريخ 5 ذي الحجة 1441هجرية، ويوافقه 26يوليو 2020م وقد وقع علينا خبر وفاتك وقعا يصعب علينا وصفه وثقله وتحمل آثاره وتبعاته، بعد أن جمع الله بيننا في مسيرة دامت أربعين سنة من الأخوة الايمانية.

فاسترح في قبرك!!
واننا بك لاحقون!!

ونحن واياك منذ أربعة عقود على التسليم والرضى بالقدر:
قد أكملت أجلك يا أيها الحبيب وغادرت دنيانا الزائلة عقب سيرة عطرة وحياة حافلة بالإنجازات، والصالحات، والقربات، وقضى الله أن تسبقنا بالأجل على أن نلحق بك محزونين بقراقك راضين بقضاء الله وقدره ، صابرين محتسبين في انتظار موعد الالتحاق بك، فإن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده لأجل مسمى.

فاسترح في قبرك!!
واننا بك لاحقون!!

نحن واياك منذ أربعة عقود على المنهج:
فقد تركتنا والدموع تنهر من عيوننا رحمة من قلوبنا نحوك بعد اجتماع في دار الدنيا استمر أربعين سنة على الايمان والعقيدة الصافية، وفق منهج أهل السنة والجماعة ونحسبك في قمة الصلاح والاستقامة، وما غيرت تغييرا ولا بدلت تبديلا ولا ابتدعت ابتداعا.

فاسترح في قبرك!!
واننا بك لاحقون!!

نحن واياك منذ أربعة عقود على الكرم والضيافة:
فقد كنت يا ابراهيم من مضيفيينا الأكرمين في بلدة “غالويا” منذ أن كنا طلبة علم مغتربين لحفظ كتاب الله بعيدا عن أهلنا وأوليائنا فكنتم نعم المضيفين ، أنتم وأسرة “جاجابي” الكبيرة المعروفة بحب القرآن وأهله ، تقومون بايوائهم واعاشتهم ورعايتهم لا تريدون منهم جزاء ولا شكورا، وواصلت المسيرة حتى سبقتنا الى البرزخ.

فاسترح في قبرك!!
واننا بك لاحقون!!

نحن واياك منذ أربعة عقود على نشر العلم:
يا ابراهيم ، في حب العلم تعلما وتعليما ، سبقت الناس ووضعتَ اللبنة الأولى في تأسيس معاهد دار الايمان ، حيث بادرت بتسجيل ابنتيك: فاطمة وزينب، فور اعلاني عن النية في تأسيس معهد دار الإيمان لتعليم القرآن الكريم عام ١٩٩٧ فحُزتَ قصب السبق، ثم التحق بك في اليوم نفسه حبيبك ورفيق دربك محمود تيام بتسجيل ابنتيه فاطمة وحبيبة
ثم واصلت يا ابراهيم المسيرة بتسجيل عشرات وعشرات تقارب المائة من فلذات أكبادك وفلذات أكباد اخوانك وأخواتك وأحبابك من البنين والبنات ، بالاضافة الى الدلالة على الخير والدعاية للرشاد الى أن أثمرت بذور رقمك الأول ما يتجاوز الآلاف من أبناء وبنات المسلمين،
ثم واصلت المسيرة الى أن سجلت الأحفاد بمن فيهم حفيدتنا: زينب، ابنة البنت الأولى للمعهد، وعلى الرغم من إقامتها في أمريكا فإنها أرسلت ابنتها الينا، لتنهل القرآن حيث نهلت والدتها،
ثم واصلتَ المسيرة حتى غادرت دنيانا وانتقت الى رحمة ربك وتركت أيتامك ويتيماتك في دار الايمان.

فاسترح في قبرك!!
واننا بك لاحقون!!

نحن واياك منذ أربعة عقود على الأخلاق العالية:
ضربت أروع الأمثلة في حسن الخُلق وطيب الطوية، فكنت فينا شديد التواضع، دائم الإيثار، كثير الحياء، كنت صبورا وشكورا وجوادا وسخيا، وكنت ركنا شديدا للفقراء والمساكين والمعوزين، ينام في بيتك عشرات المرضى والمحتاجين، فتؤويهم وتتكلف التكاليف الباهظة في اعاشتهم وعلاجهم، وكنت شديدا في اخفاء الخبيئات! وهذا مثال: فقد تبرعت كلفة بناء مسجد فاشترطت السرية لمصدر التبرع، واشترط عليك المستلم أن يعلن ذلك يوم وفاتك ، إن سبقته الى البرزج ؛ فأعلن عنه أمامنا يوم أمس!
وكلنا نشهد لك بالخير والطيب والحسن ، لكن قرينك ورفيق حياتك منذ الطفولة الأخ/ عمر ابراهيم جاه حلف بالله ثلاثا: بأنك خير رجالات جيلهم وأن مناقبك فريدة من كثرتها وتنوعها ثم اختزلها بأنها: فضل من الله يوتيه من يشاء!
أما قرينك ورفيق دربك الثاني الأخ/ محمود جا فقد كان صمته كلاما وكانت أفعاله المشهودة معبرة عن الحب والوفاء!
أما قرينك ورفيقك الآخر الأخ/ محمود تيام فكان بكاؤه ودموعه السيالة المنهمرة خير شاهد على حبك وإجلالك.

فاسترح في قبرك!!
واننا بك لاحقون!!

نحن واياك منذ أربعة عقود على المحجة البيضاء:
فقد أحزنتنا بفراقك يا ابراهيم لكن التزامك بالمشي على المحجة البيضاء حتى الممات، واتخاذك الدنيا مزرعة للآخرة جعلنا نحسن الظن في ربنا الكريم الرحيم الغفور، ونغلب جانب الرجاء والدعاء، بأن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة تتمتع بنعيمه بعيدا عن عذابه الى قيام الساعة ثم تنتقل الى الفردوس الاعلي راجين أن أعمالك الصالحة لا تنقطع بانقطاعك عن دنيانا الزائلة، ذلك لأنك قد خلّفت صدقات جارية وعلوما ينتفع بها وأولادا صالحين يدعون لك واخوانا مؤمنين يشاركونهم حبا ووفاء.

فاسترح في قبرك!!
وانا بك لاحقون!!
نحن واياك منذ عقود على الوفاء:
جمعني واياك في جلسة الوداع عصر الجمعة الماضي قبل رحيلك بيومين في مقر استراحتك الخاص، وعلى الرغم من الآلام الجسيمة والمعاناة الشديدة فقد قاومت حالتك الضعيفة لتعبر عن كلمات الوداع والاشهاد على الوصايا بالجمع بين الكلمات الثقيلة، والاشارات والايحاءات والايماءات الممزوجة بالدموع الغزيرة، فصدعتَ بما أردت ووعى عنك الحضور!
ثم انك كنت يا ابراهيم قد ودّعتَ أبناءك أبناء الإسلام في مقر معهد دار الايمان في آخر لقاء دنيوي لن يتكرر بعد الآن على أمل اللقاء في جنات النعيم إخوانا على سرر متقابلين!
غير أن هؤلاء الأبناءَ وشيوخهم هبوا جميعا الى مقبرة “يوف” للمشاركة في الصلاة عليك كطلبة يتعلمون القرآن الكريم وفي تشييع جنازتك وشهود قبرك مع الشاهدين في مبادرة هى الأولى من نوعها في تاريخ أبناء هذه المؤسسة،
حيث أكملوا الوداع بحضور دفنك والاستغفار لك رجاء مغفرة الله ورحمته الواسعة!
فاسترح في قبرك واننا بك لاحقون!

تلك خواطر راودتني وأنا على السرير الذي سهرتُ عليه في أول ليلة نام بها حبيبي ابراهيم في قبره ، فخطر ببالي تسطيرها لأشارك بها أبنائي البررة،
وحررتها بجوال يشتكي من بلل الدموع المنهمرة!!
__
قلم رفيق أربعة عقود كاملة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى