Articles

مقال: بمناسبة الاحتفاء بصداقتنا..

بقلم: عبد الاحد الكجوري

صداقتنا أكبر من الفيسبوك بسنين..
👇🏾👇🏾

( صاحبي لا تملّ الغناء..)
أن تكتب عن الآخرين شيء في متناول كلّ من له آلية الكتابة، أمّا أن تكتب عن ذاتك فهنالك يبدأ التيه يجتاحك، والحيرة تجعلك تتمنّى أن لو لم تولد..
ماذا أكتب عنّي، وماذا أقول من الكلمات، وإذا قلتُ “عنّي” فافهموه على لغة الأنا الأخرى، التي تتمثّل في انجوغو انينغ “السيوطي”..
فمنذ أن انبجس من رحم البراءة والصفاء صرخ صرخة مدوّيةً، ليعلن عن ميلاد أسطورة تتناسخ عبر السلالات، وترويها الحكايات..
قابع في الزاوية يستنشق عبق الصمت الصّارخ، ويستنير بقبَس السكون، ليتجلّى كالبرق اللاّمع ينشر لغته الخاصة التي فجّرها قبل ميلاد القواميس..
مكتظ بالحب والسّلام لا يتغنّى بغيرهما، وجهه الرِّيح التي تحمل صفاء البشر ليعمّ الأرض بنسيم الأبجدية الهادئ، كافر بالمرايا مؤمن بالإنسان..
هابيليٌّ يسعى لمحو آثار الخطيئة الأولى، يمدّ البحر شراعا، يجرّ طوفان نوحٍ ليطفئ آخر الحرائق، ويغرق الردى والرزايا..
لا يملّ الغناء..
موووووغل في التيه يبحث عن ذاته، يبحث عن خلاصه، تحفّه آلاف الأسئلة: لمَ؟ كيف؟ هل؟..
لا يستهدي أبدا إلا قليلا، وما أجمل ذلك التيه الذي يجعله في دوامة نزيف يضمّده بموسيقاه الفريدة التي لم تهتد إليها الأوّلون “إن هو إلا سحر يؤثر”، موسيقى تجعلك تطرب، قلتُ: تطرب..
لا قصدي ترقص..
لا بل…
لا أَجِد كلمات لوصف مفعول موسيقاه الجميلة في أرواح هواة جمال الحرف..
خانَهُ سفرا..
ثابت الخطو، مؤمن بـ”أناه”، له خبز يومه، وهو متمثّل في كلمة “الشعر”..
اخترق كلّ الحجب والحواجب ليُحلّق شاعرا جميلا ميلئًا بالبراءة الطفولية، ومسافرًا أبدا للبحث عن أجواء جديدة يلوّنها بلمساته البديعة..
رفيق العمر والشّعر..
عرفته وهو ابن ستّ ربيع لا يميّز اليمين من الشمال إِلّا بعد لَأْي، ومع ذلك اتّحدت أرواحنا مُذ أوّل نظرة، ربما هي رصاصة الخفقة الأولى، ما زلنا نعيش هذه اللحظة البكر مُنذ ذلك..
من أيّام “ياي عائشة” حتّى الجامعة الإسلامية..
آااااخْ! يا صديقي لقد اختزلت هذه الـ”مِن” وهذه الـ”حتّى” مسافات كبيرة وذكريات لذيذة..
أيّامَ كنّا نعبث بالطين ولا ندري أنّنا سنفتقده..
أيّام كنّا نلعب بالنار متمتّعين بالسذاجة الحلوة..
أيّام كنّا نعشق الماء حينًا، ونكرهه حينا آخر..
كانت الأرض وقتئذٍ تكوّننا لنصبح كما نحن الآن بهذه الثلاثية (الطين، النار، الماء) التي لها أبعادها الفلسفية، ودلالاتها الخفيّة..
آه يا صديقي!!
هل يحسن الكلام في هذا المقام؟ أم عرفتَ الدّار بعد توهّم؟!
الأجمل فيك هو “صفاؤك”، لا تغيّرك لا الظروف ولا المواقف، ولا تزعزعك الرياح العاتية، ففي أحلك الحالات ينبع فيك ذلك الصفاء النّادر..
يا صديقي!
هذا الاحتفاء الجميل الذي تناله الآن ليس إِلّا قطرة يسيرة من البحر، والأمواج قادمة لتبلّلك، وتكون مددا لكلمات التاريخ ليسطّر لك المجد الدائم، والغيمة المعطاء جاهزة لتمطر عليك وابلا من الإنجازات “فأنتَ فخر الموسيقى…
“صاحبي لا تمل الغناء فما دمت تنهل صفو الينابيع شق بنعليك ماء البِرَكْ”،
ولا تملّ الإنجاز..
الشعر بيننا وكفى…

عبد الأحد الكجوري..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى