Articles

مؤسسات مدارس القرآن في السنغال وشكاوى المدرسين إلى أين ؟!

كتب : جبريل فال

منذ سنوات لا حظنا كثرة الشكاوى والاحتجاجات في أوساط معلمي القرآن الكريم ، حتى أخذ أخيرا شكلا إعلاميا ، حيث ذهب بعض المعلمين الشباب إلى تنظيم مؤتمر صحفي، للمطالبة بحقوقهم على مديري المؤسسات القرآنية الذين يوظفونهم في مدارسهم، وعرضوا شروطا يصعب تحقيقها على أغلب المدراس. ومن مطالبهم التي أثارت جدلا واسعا لدى المهتمين بتعليم القرآن الكريم وجوب تكييف غرف المعلمين و حلقات التعليم ، و توفير وجبات غذائية ملائمة تتماشى مع معايير الجودة والكفاية والحلاوة، إلى جانب قياس أجور المعلمين على عدد تلاميذ الحلقات…. ويبدو أن هذه المطالب من الصعب جدا مراعاتها من طرف المديرين، وأكثرها في الحقيقة غير معقولة ولا متطقية، ولكن الذي يستفاد منه من هذه الثورة الجديدة هو أن القطاع القرآني خاصة داخليات تحفيظ القرآن تعاني – منذ فجر التأسيس- من مشكلات كثيرة تتمثل أغلبها في الجانب الإجتماعي، فالعديد من هذه المدارس تفتح في بيوت غير معدة لإسكان عدد كبير من الناس، كما أنها لا تجد مصدر زرق ثابت تعتمد عليه في تغطية النفقات الضرورية للمدرسة، وإنما تعتمد على أجور المتعلمين التي لا تعجز عن توفير رواتب مناسبة للمدرسين المُحفظين ، إلى جانب تكاليف المدرسة الباهظة… ولكن نجد بجانب هذه المدارس إستثناءات من هذه القاعدة، فهناك معاهد أنعم الله عليها وجعلها قادرة على وضع التلاميذ والمعلمين في ظروف جيدة ، مع دفع رواتب شهرية مناسبة لموظفيها بفضل الأجور الغالية من التلاميذ إلى جاب مساعدات أخرى وطنية أو خارجية…
ولكن أين مصدر المشكلة ؟ والحق الذي لاريب فيه أن تعليم القرآن الكريم وظيفة لم تجد اعتبارها اللائق بها حتى الآن، فكثير من المجتمع بمن فيهم أصحاب المؤسسات وممارسيها أنفسهم لا يرضون لأولادهم بهذه الوظيفة ، لأنهم يعتبرونها مهنة من لا مهنة له، وممتهنه في نظر الناس موضع رحمة وشفقة، وهو المستحق فعلا لصدقات ومساعدات المحسنين.. وهذه مشكلة متجذرة يعود سببها إلى تهميش السلطات السياسية لهذا القطاع منذ عهد الاستعمار، وكذالك نظرة المجتمع السلبية لتعليم القرآن الكريم على أنه بطالة و تخلف ، بالإضافة إلى موقف بعض أرباب المؤسسات القرآنية المتكسبين الذين يستغلون المعلمين لمصلحة مؤسساتهم … والآن كيف نعيد لتعليم القرآن مكانته ؟ ومعلوم أنه لايمكن لجميع حفاظ كتاب الله تعالى أن يؤسسوا مدراس؛ لأن هذا مما يعكس الفوضى العارمة في فتح المدارس ، والتي نتج عنها أكبر المشكلات والأزمات التي يعيشها نظام التعليم القرآني، وكان على أنصار هذا التعليم الشريف أن يتكتلوا للعمل على حل هذه الأزمة، ومن العاجل جدا في هذا الظرف أن يجلسوا على طاولة الحوار للحديث حول المطالب التي يثيرها المعلمون في الداخليات القرآنية، فتعليم القرآن عبادة، ولكنه في الوقت نفسه وظيفة يكتسب منها الإنسان ليعيش بحرية وكرامة. فكل عامل يريد أن يتقدم في وظيفته ، ويجد فيها ما يقيم به حياته، فالمعلم إنسان ذو عيال ، وعضو فاعل في مجتمعه ؛ يريد كل يريده الإنسان لبناء مستقبله. . ومن الخطأ الكبير أن نفسر تصرفات هؤلاء المعلمين في مطالبة حقوقهم تفسيرا سطحيا على مبدأ أن تعليم القرآن عبادة محضة ، وأي واحد يأتي للمطالبة بحقه كعامل يجوز أن نشكك في نيته، وكان عليهم أن يفهموا وضعهم وظروفهم التي دفعتهم إلى هذا التصرف، ومن ثم الترحيب بأفكارهم والتبادل معهم ، على أن يوجهوهم إلى ما هو خطأ في طريقة طلب حقوقهم ، مع العمل قد المستطاع لتفهم شكاواهم و تلبية متطلباتهم … والله المستعان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى