
فَوضى الفتوى في السنغال… من يُخرج الدخيلَ فيها
.بقلم شعيب بن حامد لوح
من أماراتِ غرابة الدين في السنغال هذا التلاعب الملاحظ والمتكرر بمعتقد أغلب السكان، حيث يضجُّ بأجهزة الإعلام المختلفة بما يسخر من الدين قصدا وعمدا، من مدَّعي “الأستاذ” أو مقدمي البرامج، ولا يحرك ذلك سوى قلة ممن ليست لديهم كلمة مسموعة أو نفوذ مؤثر.
إذا كان جُلُّ أصحاب الحرف قد صانوا حرَفهم ومهَنهم، بحيث لا يخطر ببال أحد أن يجترئَ ويتقوَّل عليهم، أو يبحث عن مسألةٍ دون العودة إليهم واستفسار المتخصصين منهم، وإذا كنا لم نر برنامجا مخصصا في مسائل الطب ونوازله مثلاً لا يُديره إلا مَن له إلمامٌ بأبجدياته وبدقائقه، فكيف إذن بالإسلام الذي لا حصرَ لمن يعرف أصوله وفروعه وجليله ودقيقه في هذا البلد مع ذلك يُفضل غيرهم ويختار له كل من هبَّ ودبَّ يقول فيه ما ليس له به علم قصدا أو عن غير قصد، زد على ذلك غياب المراقبة عن البرامج المخصصة له، وتوسيد أمرها إلى مَن لم ينتهِ بعدُ من مقررات الابتدائية، ولم يُتقن حتى مسائل الأخضري ثم يجلس ويفتي الناس.
هذا، وإنّ الفتوى -كما في كريم علمكم- ليس بأمر هيِّن، ولشروطه وضوابطه ما لا يصلح لها إلا المدقِّقين؛ ولا غرو أن كان العلماءُ قديما يفرون منه فرارهم من المجذوم، ولم يكن أحدهم يفتي دون أن يشهد له شيوخ عصره بجَدارتِه بذلك، وقد قالوا: إن الصحابة كانوا يتدارأون الفتوى حتى يعود إلى الأول؛ وذلك احترازا من القول على الله في دينه بما ينافي الصواب والسَّداد.
قسْ ذلك على ما يحدث الآن في برامج ما يسمى الإفتاء ما أبعده عن ذلك النهج القويم. وإن العين لتدمع حين نشاهد مَن يدعي أستاذا يجلس ويفتي مع مدير برامج إذاعية أخرى بعيدة عن مسار الدين وهو يتولى طرح أسئلة المُستفتين مع غياب الحياء والهيبة، ولا يرمي وراء ذلك إلا استقطاب الجمهور وزيادة رصيد مشاهدة برنامجه، ولا يعلم المتابع في خاتمة المطاف أيشاهد برنامجا ترفيهيا خالصا أم برنامجا دينيا القصد منه الجواب على أسئلة محددة مثيرة وملفتة للانتباه.
ويزداد التأسفُ والواقع هكذا عدم وجود مؤسسة أو دار أو هيئة تهتم بأمر الفتوى في بلد قيل: إن عدد المسلمين فيه يصل نحو 95 بالمئة أو أكثر، كأن شغلَ الناس في هذا البلد كائنٌ في حصر تديُّنِهم في زاوية واحدة أو طريقة معينة، ناسينَ أو متناسين أن طيبَ الفرع وصلاحه واستمراره منوطٌ بطيب الأصل وقوامته ونقاوته. فلا يصلح الاهتمام بالطرق الصوفية أو المذاهب التي بمثابة وسيلة من وسائل التزلُّفِ والتقرب لله، والدفاع المستميت عن رموزها وثوابتها، ثم نبذ الغيرة بمقدسات الدين وراء الظهور، أي فإن الأولويةَ هي السعي وراء إقامة خطِّ دفاع قوي مشترك بين مسلمي هذا البلد، -سمِّه مجلسا أعلى أو ما شئت-، يكون من شأنه العمل على إعادة تأهيل وتطوير القائمين بأمر الدين، وتنظيم الفتوى ومأْسَسَتها وإيلاء العناية اللازمة لها بالمراقبة والمراجعة.
وإلا تفعلوهُ فإن البابَ لن يوصدَ أمام المتلاعبينَ والمُرجفين في المدينة، الذين لا يألون جهداً في البحث عن هفوة ومثلبة للاستهزاء بالدين ومقدساته، وكذلك لا يزال مُدَّعو “الأستاذ” يتخذون الدين مطيةً لمآربهم الدنيوية، والحق أن مكان أغلبهم ليس تقديم برنامج ديني بل العودة إلى المحاظرِ العلمية لتكميل ما تبقَّى من تكوينهم الناقص.
Really enjoyed this! Your writing style is so engaging.
This gave me a lot to think about—thank you for sharing your thoughts!
Clear, concise, and super helpful. Great job!”
Always a pleasure reading your blog. Keep the great content coming!
Thanks, I have just been looking for info about this topic for a while and yours is the best I’ve found out so far. However, what about the bottom line? Are you sure in regards to the supply?