عندما يتعاطى الناس مع الزمن ..
بقلم فيصل الجبر

يتعاطى الناس مع الزمن كمحدد ثابت. لحركة الحياة….
بينما. هذا. المحدد. مرتبط. بحالة واحدة من. حالات البشر
والحقيقة أن هذا الأمر نسبي لأن هناك. حالات متعددة. تتباين فيها الأزمنة …..
مثلا. حالة. أهل الكهف كان لها زمنا استثنائياً مغايراً للزمن الأرضي بالرغم من الحالة البشرية التي استقطعت بالنوم فكان سببا لتغيير المحدد الزمني المعتاد لأهل الأرض .
عروج الملائكة اشبه. بالخيال ونحن نؤمن به. لأنه من عند. الله وهو كذلك
والحياة البرزخية. زمن مختلف جدا ( قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين ؟ قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم …..)
ويعتبر الأديب الروسي. تشيخوف من القلة القليلة التي استوعبت الزمن البرزخي. عبر إحدى قصصه القصيرة و التى أرى أن أهم ما فيها هو. الطرح الفلسفي للزمن..
كتب تشيخوف :
” لقد توفيت منذ دقيقتين.. وجدت نفسي هُنا وحدي معي مجموعة من الملائكة، و آخرين لا أعرف ما هم، توسلت بهم أن يعيدونني إلى الحياة، من أجل زوجتي التي لا تزال صغيرة وولدي الذي لم يرَ النور بعد، لقد كانت زوجتي حامل في شهرها الثالث، مرت عدة دقائق اخرى، جاء أحد الملائكة يحمل شيء يشبه شاشة التلفاز أخبرني أن التوقيت بين الدُنيا والآخرة يختلف كثيراً، الدقائق هُنا تعادل الكثير من الأيام هناك
“تستطيع ان تطمئن عليهم من هنا”.
قام بتشغيل الشاشة فظهرت زوجتي مباشرةً تحمل طفلاً صغيراً! الصورة كانت مسرعة جداً، الزمن كان يتغير كل دقيقة،كان ابني يكبر ويكبر، وكل شيء يتغير، غيرت زوجتي الأثاث، استطاعت أن تحصل على مرتبي التقاعدي، دخل ابني للمدرسة، تزوج اخوتي الواحد تلو الآخر، أصبح للجميع حياته الخاصة، مرت الكثير من الحوادث، وفي زحمة الحركة والصورة المشوشة، لاحظت شيئاً ثابتاً في الخلف، يبدو كالظل الأسود، مرت دقائق كثيرة، ولا يزال الظل ذاته في جميع الصور، كانت تمر هنالك السنوات، كان الظل يصغر، و يخفت، ناديت على أحد الملائكة، توسلته أن يقرب لي هذا الظل حتى اراه جيداً، لقد كان ملاكا عطوفاً، لم يقم فقط بتقريب الصورة، بل عرض المشهد بذات التوقيت الأرضي، و لا ازال هُنا قابعاً في مكاني، منذ خمسة عشر عام، أُشاهد هذا الظل يبكي فأبكي، لم يكن هذا الظل سوى “أمي “
وبين تشيخوف. و توفيق الحكيم
قاسم. مشترك في فهم الزمن
فقد استطاع الحكيم ان يبرز معاني للزمن من خلال. ما تناوله عند كتابة مسرحية أهل الكهف.
وأخلص إلى ان فهم المعنى الحقيقي للزمن هو سبب لاستيعاب الرسالة الربانية التي مفادها أن الزمن البشري. الأرضي ليس هو مقياس العدالة الإلهية فأحداث الحياة. الأرضية ماهي إلا ومضة ضؤية في زمن الكون الذي يستوعب أحقاب الزمان ( وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ )
السبت ٢٦ ذي. القعدة ١٤٤٦ هـ