عندما يتحقق توقع السفير صفوت..الحلقة الثانية:الرئيس الجديد والسنغال المتجدد
د.صفوت ابريغيث
وعودة إلى السنغال، وإلى الحقبة الحالية، فقد انتقد القاصي والداني لجوء السلطات إلى تسييس القضاء واستخدامه في سبيل التخلص من ابرز المعارضين والزج بهم في سجونها من خلال قضايا مركبة بذرائع متنوعة مما يضمن بالتالي منعهم بموجب القانون من التنافس الانتخابي.
وهذا ما حصل بالفعل بداية مع “كريم واد”ابن الرئيس السابق ثم مع عمدة بلدية العاصمة وأحد اقطاب الحزب الاشتراكي العريق “خليفة سال”، قبل أن يقوم الرئيس الحالي بالعفو عنهما ضمن صفقة تدخلت فيها حيناً دولة قطر التي لجأ اليها “كريم واد” لسنوات عديدة، وحيناً آخر من خلال صاحب النفوذ الكبير في البلاد الخليفة العام للطريقة المريدية الشيخ “محمد المنتقى امباكي” والذي استطاع أن يجمع في منزله الرئيسين الحالي “سال” ومعارضه الرئيس “واد” ويعلن عن تفاهمات وضمانات تتيح للابن “كريم واد” بالعودة إلى البلاد والعمل السياسي مجددا.
أما عن المعارض الثالث والأبرز “عثمان سونكو” والذي جردته السلطات من مسؤولياته في دائرة الضريبة والاملاك العامة بسبب فضحه لعدد من قضايا الفساد في العام ٢٠١٦، فقد سطع نجمه في وقت قياسي واستطاع ان يحل ثالثا في ترتيب الانتخابات الرئاسية الاخيرة بالعام ٢٠١٩ ثم ليفوز حزبه “الباستيف” في معظم البلديات الكبرى في الانتخابات المحلية في آذار ٢٠٢٢ ولينهي بعدها بشهور قليلة سيطرة ائتلاف الحزب الحاكم على مقاعد البرلمان.
ويعتبر سونكو الاجرأ في مواجهة النفوذ الفرنسي عموماً وقد دعا مبكراً إلى الانسحاب من النظام النقدي للفرنك الإفريقي (CFA) وهي العملة الفرنسية التي تربط الدول الثمانية في منطقة غرب افريقيا والتي كانت تسمى سابقاً بالمستعمرات الفرنسية لافريقيا لتستبدل لاحقاً كلمة المستعمرات بكلمة “التجمعات”.
لقد تم استهداف “سونكو” مراراً وتعرض لاعتقالات متكررة كانت آخرها مسرحية مفبركة بتهمة الاغتصاب تم تبرئته منها لتنتظره تهمة اخرى وهي تحريض الشباب للإخلال بالنظام العام حيث لم يفلت منها وتمت إدانته واعلان سجنه لسنتين، حكماً كان كفيلاً بإبعاده عن السباق الانتخابي الجاري، وهو ما أراح العديد من خصومه.
ولكن سجن“سونكو” وحل حزبه قد فاقم من الامور سوءً لتمتد المواجهات الدامية من الشارع إلى الرأي العالمي ولتؤدي الحملة القانونية الكبيرة المساندة للزعيم المسجون إلى تضييق الخناق على السلطات المحلية ووضع الرئيس الحالي بموقف حرج حاول بكل الوسائل احتواءه عبر الدعوة إلى الحوار ومحاولة احتواء اقطاب من المعارضة بل وتقديم تنازلات وصلت إلى حد التخلي عن طموحه في تمديد ولاية رئاسية ثالثة.
وبالرغم من صدور حكم جديد في ديسمبر الماضي يسمح بإعلان أهلية “سونكو” وإعادته للقوائم الانتخابية، إلا أن المجلس الدستوري رفض ترشحه بدعوى عدم اكتمال ملفه.
ولكن ذلك لم يمنع “سونكو” من ترشيح نائبه “بشيرو جوناي فاي”خلفاً له ضمن تسعة عشر مرشحاً للانتخابات الرئاسية كان هو و”كريم واد” ابرز المستبعدين عنها.
وتشير استطلاعات الرأي إلى تقدم الشاب المغمور سياسياً “بشيرو جوماي فاي” على أبرز المرشحين وهما حصراً مرشح الحزب الحاكم رئيس الوزراء السابق “أمادو با”وعلى عمدة دكار السابق”خليفة سال”.
وبعد أن صدر قرار رئاسي بتأجيل الانتخابات الرئاسية لنهاية العام الجاري بدعوى الطعن بالفساد في نزاهة بعض القضاة في المجلس الدستوري الذي رفضه وأكد على ضرورة إجراء الانتخابات في أسرع وقت ممكن، ثم صدور قرار آخر يحدد الرابع والعشرين من آذار الجاري موعداً للجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية.
وأمام الضغط الشعبي والانتقادات الدولية، قام البرلمان السنغالي بتبني قانون عفو شامل أتبعته الحكومة بقرار سحب الاستئناف المقدم في دعوى ربحها سابقاً المعارض “سونكو”، ثم جرى توقيع المرسوم الرئاسي بإبطال حل حزب “الباستيف” والسماح بعودته للعمل السياسي مجدداً، وعلى بعد أقل من عشرة أيام من تاريخ الجولة الاولى للانتخابات أطلقت السلطات كافة المعارضين السياسيين وعلى رأسهم “عثمان سونكو” ومرشحه “بشيرو جوماي فاي”، الذين باشروا حملتهم الانتخابية فور خروجهم وبتفاعل شعبي هائل عكس كل التوقعات.
أخيراً، وقبل يوم من بدء العملية الانتخابية، وبحكم متابعاتي للملف الافريقي عموماً وخبرتي في الغرب الافريقي وفي السنغال خصوصاً أتوقع أن يفوز “جوماي فاي” بشكل كبير ومن الجولة الاولى، كما أتوقع بحكم معرفتي الجيدة بالشخوص القيادية للائتلاف المرشح للفوز أن ترتقي السنغال بشكل ملفت في مسيرة الدفاع عن القضية الفلسطينية بالشكل كما بالمضمون وأن تشكل الضلع الثالث في المثلث الفلسطيني داخل القارة السمراء إضافة إلى جنوب إفريقيا والجزائر.
السفير الفلسطيني السابق لدى السنغال من العام ٢٠١٥-٢٠٢٢
Can you be more specific about the content of your article? After reading it, I still have some doubts. Hope you can help me.