رمضان والاستدامة
د. فاطمة عبدالله الدربي
حُملَ آدم وذريته الأرض كأمانة لإعمارها وعدم إفسادها، فكل فرد يجب أن يكون خليفة في الأرض، ويلعب دوره في ضمان حمايتها والحفاظ عليها. وعزز الإسلام دائماً موضوع الاستدامة، ودعا إلى كفاءة استخدام الموارد الطبيعية، ودعت الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة إلى عدم الإسراف، وهذا ينطبق على كل شيء في الحياة.
ولكن غالباً ما تُقابل وفرة النعمة بسلوكيات مفرطة ومهدرة. ونحن بحاجة إلى التغيير كمجتمع، ونحتاج إلى إعادة تصحيح بعض ممارساتنا الحياتية، وإعادة تعلم كيفية تطبيقها بصورة صحيحة، وليس هناك وقت أفضل لبدء ذلك من شهر رمضان الفضيل.
ولعل من أبرز السلوكيات المجتمعية السيئة التي تكثر خاصة خلال شهر رمضان، هدر الطعام، ولما يرافق هذا الشهر من تجمعات، وولائم، إضافة إلى شراء الأفراد منتجات غذائية بكميات كبيرة تزيد على حاجة الشخص. فعلى أفراد المجتمع الاعتماد على بعض العادات في حياتهم اليومية التي ستحسن نمط حياتهم، وتعمل على تقليل الهدر، ومنها طلب كميات أقل من الطعام تناسب احتياجات الشخص عند الأكل في المطاعم وتجنب الصرف الزائد، وإعادة استخدام بقايا الطعام، والتسوق بذكاء عند شراء مستلزمات المنزل من خلال وضع قائمة باللوازم والالتزام بها.
إضافة إلى تفقد الأطعمة المحفوظة في الثلاجة بشكل دوري للتأكد من صحة المأكولات واستخدامها قبل انتهاء صلاحيتها، والحرص على مشاركة بواقي الطعام مع المحتاجين بدلاً من هدره ورميه في القمامة. لا يتطلب الأمر أكثر من التدبر في القرآن وحياة الرسول الكريم لإدراك مدى تركيز الإسلام على الاستدامة من خلال كفاءة استهلاكنا للموارد، فبدلاً من إساءة استخدامها، لنشجع بعضنا البعض على تبني سلوكيات مستدامة، بدءاً من شهر رمضان المبارك هذا العام. خلاصة القول، إن شهر رمضان فرصة للتحول إلى نمط الحياة الخضراء والتنمية المحلية التي تعمل على المحافظة على الموارد كوسيلة للحياة لعلنا نشكر ونرشد بعد أن نرتقي لمرتبة التقوى.