Articles

حج هذا العام 2024: جوانب تذكر وتشكر

كتب – موسى نيانغ

وأنا قابع في غرفتي بالفندق ببركة البرهان، بعد الفراغ من أداء مناسك الحج ماسكا يراعي أحاول أن أسترجع فيلم الأحداث في حج هذا العام، انتابني نوع من الشعور بالخوف عندما ارتسمت أمام خيالي أطياف الكلمات ، وقرعت على أذني أصداء الأبواق التي حاولت جاهدة وجاسرة أن ترسم لوحة قاتمة كليا لتنظيم الحج هذا العام.
نعم، كاد أن يستحوذ عليّ هذا الهاجس لينال من حافزي في كتابة هذه السطور ويقدح من نيتي في قراءة الوجه الآخر للعملة، ولكن طبعي في تجاوز القراءات السطحية و الشعبية للأحداث ، وإصرار ي على تخطي التحليلات المفروضة ، و كسر الجليد المتراكم عادة حول القضايا المطروحة، حيث يقتصر الكثير بقراءة وجه واحد للعملة متموقعين من الخارج، أعانني على قهر ذلك الهاجس. وهنا تبدو القراءة من الداخل مهمّة، تطبيقا لقاعدة ” وشهد شاهد من أهلها”’، إذ الواقف من الداخل يستطلع الوقوف على أغلب العوامل الموضوعية الداخلية والخارجية التي تصنع أو تساهم في صناعة الحدث، في الوقت الذي يقف فيه غالبا الناظر من الخارج موقفا يمنعه من سبر الأغوار الداخلية.
لا يرقي شك إلى أن النقد البناء مطلب استراتيجي وتنظيمي ، يسمح بتسديد المسار وتفعيل المساق وتحسين المصير، ولكن الحقيقة التي ينساها أو يتناساها الكثير هي أن كل نقد بنّاء يجب أن يكون منصفا ، و أن يحتوي على ذكر السلبيات والايجابيات ، بقصد التحسين والتطوير، لا غير. ومن هذا المنطلق سنحاول في هذه العجالة ذكر بعض الإيجابيات.
لقد لمحت منذ دكار، في مرحلة إعداد رحلات الحج، مرورا بالمدينة المنورة لتمكين الحجاج من إشفاء غليل زيارة الحبيب، عطفا بالمشاعر المقدسة في منى، وعرفات و مزدلفة، و رسوّا في باحات الفنادق وأروقتها بمكة، – لمحت في تلك المحطات كلها – حرصا منقطع النظير وعزما مستعصي المثيل على تقديم أرقى صور الخدمة لضيوف الرحمن السناغلة من فريق المفوضية العامّة للحج بقيادة الدكتور أبوبكر صار.
بعيدا عن كلّ ادّعاء للكمال ، أو أية عصمة مزعومة لهذا الفريق، أريد ان أسجل هنا بعض الجوانب الإيجابية في حجّ 2024 التي تستحق الذكر وتقتضي التعزيز والتطوير:

  1. نجاح المفوضية العامة للحجّ في التفاوض مع السلطات السعودية للسماح للطلبة والمقيمين السنغاليين في السعودية بالمشاركة في حملة حج 2024 لخدمة حجاج السنغال. لقد كانت هذه المشاركة ملحوظة في المدينة المنورة و في المشاعر المقدسة بمكة.
  2. تعيين أشخاص مكرّسين لكل رحلة ” Dèdiès aux vols ” يتواصلون مع الحجّاج مباشرة، عبر مجموعات واتسابية، من بدء تسجيلهم في منصة يوف بدكار إلى فراغهم من أداء مناسك الحج وعودتهم إلى السنغال.
    ⁠في الحقيقة، لقد كانت هذه المنظومة إبداعا حقيقيّا في حجّ 2024. فبإشراف مستمرّ من السكرتير الدائم للمفوضية شيخ عبدو انجاي تمّ إعداد الحجاج علميا ونفسيا لأداء فر يضة الحج ، وتمّت الاستجابة لمطالبهم المتجددة طوال فترة الحج أو إبلاغها إلى الجهات المختصة من مسؤولي الرحلات. وخير دليل على ما نقول هو هذا الكمّ الهائل من الرّسائل الصوتية التي تلقاها هؤلاء المسؤولون بعد الحجّ تحمل في ثناياها عبارات الاستحسان والامتنان لهذه المجموعات وعمل الموكلين بها والمشرفين عليها.
  3. البرنامج الديني المكثف في عرفات :
    في عرفات حققت المفوضية العامة للحجّ هذا العام رقما قياسيّا في الأداء الإرشادي والتوجيه الديني والشحن الروحي للحجاج. فبفضل الربط المتزامن لجميع خيمات الحجاج السنغاليين في عرفات بالميكروفون الرئيسي ، عاش الحجاج أجواء إيمانية غزيرة أنستهم طول اليوم وحرارة القيظ، مما جعل أحد الحجاج يقول: إن عرفات هذا العام مرت وكأننا في أجواء الفنادق نصلي.
  4. قرار فخامة الرئيس بشير جماي فاي باتخاذ إجراءات خاصة لتعجيل عودة الحجاج السنغاليين بعد الفراغ من أداء مناسك الحج. إن هذا القرار لجدير بالتقدير والتدوين في صفحات سجل الحجّ السنغالي. فقد كان الحجّاج يمكثون أسابيع في مكّة بعد الحجّ قبل أن يشاركوا ذويهم لذة أداء الحج. سعيا منهم في إحداث القطيعة، مكّن فخامة رئيس الجمهورية، يدعمه في ذلك رئيس الوزراء السيّد عثمان سونكو الحجّاج السنغاليين من شدّ الرّحال إلى السنغال بعد أربعة أيام فقط من نهاية مناسك الحج.
    وهذا غيض من فيض الايجابيات التي يمكن ذكرها، ولكن مراعاة للقارئ العزيز، نكتفي بهذه السطور على أمل أن تجمعنا سطور أخرى مستقبلا بإذن الله.

بعثة الحج السنغالية 2024
mouniang02@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى