actualite

جيلٌ سياسيُّ جديدٌ في مدينة تييس “THIES”

المفتش محمد لوح

تمكنت عاصفة النتائج الأولية لانتخابات البلديات في مدينة تييس من اقتلاع جذور سياسي بارع تمكن من فرض نفسه في الميدان السياسي بتييس منذ سنة 1996م؛ وهو السيد “إدريس سيك” الذي تولى زمام الأمور في هذه المدينة بعد وصول أستاذه “الرئيس عبد الله واد” إلى سدة حكم البلاد عام 2000م، وتمكن من تقوية شخصيته السياسية في جميع مناطق تييس ، مقاطعةً وبلديات وأحياء، إلى جانب اقتنائه عددا من الأماكن الخاصة تجعله لا يعتمد على أحد في تنفيذ مطامعه السياسية في المنطقة. وبعد خمس سنوات من مرافقة أستاذه الأول في السياسة انشق منه معلنا تأسيس حزب جديد باسم “ريومي” REWMI، واحتل المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية عام 2007م بعد “واد”، مباشرة ، إلا أن سمعته تغيرت بعد ذلك بعدما لبى دعوة أستاذه والتصالح معه بواسطة الشيخ عبد العزيز سي الأمين الذي رافقه إلى الرئيس ” واد “، رغم كل ما جرى بينهما من خلافات واتهامه للرئيس “واد “بإعداد ابنه لتولى رئاسة البلاد بعده.


بعد مرور 20 سنة من السيطرة على المشهد والنفوذ السياسي في تييس وما حولها ؛ جاء مساء هذا اليوم 23 يناير 2022 لتغيير كل شيء، حيث جاء تيار جديد بعاصفة قوية، قضت على سيطرته ونفوذه بسرعة عجيبة ، لا ندري كيف استطاع هؤلاء قلب الأمور رأسا على عقب ؟ ولا كيف زعزعوا كل الحقائق والتطلعات السياسية التي كانت تعتقد أنه لا يمكن في أي حال من الأحوال إقلاع إدريس سيك وأعوانه من مدينة تييس ببلدياتها الأربعة؟
ربما ينظر المتأمل في القضية إلى ظواهر أساسية قام بها حزب “ريومي” بعد الانتخابات الرئاسية عام 2019م، الذي احتل فيها الحزب على المرتبة الثانية بعد الحزب الحاكم، حيث كانت تصرفات الحزب منسقة مع المرشحين الثلاثة الآخرين الذين جاءوا بعده، فقد اتفقوا على الأمور الآتية:
❖ عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات؛
❖ عدم تقديم التهاني للرئيس ماكي صال؛
❖ عدم متابعة وتوجيه احتجاجات على النتائج المعلنة
لكن بعد مضي 15 شهرا على هذا الاتفاق بين المرشحين الخاسرين، ظهر إدريس سيك مجددا، يعلن استعداده لمناصرة الرئيس ماكي صال لبناء السنغال من جديد، وتجاوز الصعوبات الاقتصادية التي يعيشها السنغال حاليا بسبب جائحة كورونا. وجاءت هذه التصريحات بعد سلسلة من الاتهامات على أنه يتفاوض مع الرئيس سرا ، ربما هذه الظاهرة جعلت مواطني تييس يفقدون الأمل فيه؛
وظاهرة أخرى مثل إعلانه في أكثر من لقاء مع الصحفيين؛ ” أنه لا ينتظر من أي أحد تعيينا لأي منصب في البلاد”، وناقض نفسه بقبوله منصبا جديدا، هو ما يحتله الآن وهو ” رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي”، الذي كان من قبل يهاجم عليه ويتهمه بأنه مجلس لتعيين رفقاء الرئيس ووجهاء الأحزاب الأخرى التي تعمل معه؛ هل هذا هو السبب في غضب التييسيين عليه ؟
أم السبب يكمن في ظاهرة غيابه الطويل عن مدينة تييس، وسوء تعامله مع المواطنين ، وعدم الوقوف بجانبهم في السراء والضراء. ؟
و في هذا الصدد نتذكر إعلانه في 7 مايو 2014م عقب الانتخابات البلدية، والذي كرره مرات عديدة، وهو قوله : ” سأعتزل السياسة متى خسرت تييس”
الآن وقد خسر تييس فماذا عساه أن يفعل ؟
بعد الانتخابات الرئاسية في 2019م، أدركت المعارضة أن الأمر الآن ليس في مصلحة التيار الرئاسي الجديد، وأنه آن الأوان أن يبحثوا عن السبل المتاحة للوصول إلى السلطات المحلية في انتخابات البلديات المقبلة، مما دفعهم لوضع استراتيجيات معنية، منها: دفع الشباب إلى التسجيل في سجلات الانتخابات، واستلامهم بطاقات الانتخاب في الوقت المناسب ، وتوعية أولياء أمورهم بالأمور الجارية، وكذلك حملهم على الوقوف على الأجندات الحكومية المزيفة التي تعرقل تقدم البلاد.
هذه هي الأمور التي دفعت المعارضة إلى التجمع الفعلي للإطاحة بهذا الجيل السياسي القديم، وقد تم بالفعل حدوث ما لم يتوقع في مدينة ” تييس”، لأننا كنا نظن أنهم سيفقدون واحدة من البلديات في داخل المدينة، لكن فقدان الجميع جاء بغتة علينا.
تلك هي المعارضة التي جمعت بين أحزاب حديثة العهد وأحزاب أو تجمعات انشقت من أحزاب قديمة، فيها: ” خليفة صال؛ عثمان سونكو؛ سرين مصطفى سي؛ سرين منصور سي جميل؛ سغن أيدا امبوج؛ وغيرهم كثيرون “، وقد أطلق على هذا التحالف الجديد ” ييوي أسكنوي” YEWI ASKANWIظهور سياسيين جدد ً، شبان لم نعرفهم في المشهد السياسي لمدينة تييس إلا بعد الانتخابات التشريعية والانتخابات الرئاسية الماضية، وهؤلاء الجدد هم:
❖ الدكتور بابكر جوب “عمدة مدينة تييس الجديد الذي كان حليفا لإدريس سيك قبل ” الخبزواللبن ” ( تحوله إلى التحالف مع رئيس الجمهورية )
❖ عثمان جانج “عمدة مدينة تييس الشرقية؛
❖ مامادو جيته” عمدة مدينة تييس الغربية؛ من حزب باستيف.
❖ بِرَام سُلي جوب “عمدة مدينة تييس الشمالية؛
يا ترى من أين جاء هؤلاء؟ وكيف أثبتوا قدراتهم في فترة زمنية قصيرة للقضاء على هذا العملاق في السياسة !! الذي قال من قبل: ” سمعت نعيي مرات عديدة، وأنا هنا على قيد الحياة في السياسة حتى الآن”
هل نعيه اليوم يثبت موته السياسي حقيقة؟ أم سيقوم مرة أخرى ويحيى حياة سياسية جديدة مرة أخرى؟
نتابع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى