العشرُ من ذي الحجة..
د. محمد موسى كمارا
من عظمة دين الإسلام أنَّه نظر إلى قصور العبد عن أداء كلّ الواجبات، وإلى تقصيره الذي لا يفارق فطرتَه في إقامة بعض الفرائض، فأوجد له من منابع العفو والمغفرة ما يغترفُ منها بجهدٍ يسيرٍ غير مكلّفٍ، فكانت في كتابنا سورةٌ تعادل ثلث القرآن، وكانت في ديننا كلمتان خفيفتان على اللّسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرّحمن، وكان الاستغفار، على سهولته ويُسره، ماحيًا مزيلًا لبعض الذّنوب، وكانت الصّلاة على رسولنا الرّؤوف الرّحيم من أسباب كفاية الهمّ وغفران الذّنب.
وقد تراحبت رحمة الإسلام، واتّسعت منادحها، فرأينا في السَّنَة أيَّامًا يؤجَر فيها على البرّ بما لا يثاب عليه في غيرها، ومنها شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، والأيّام البيض من كلّ شهر، وهذه الأيَّام العشرة الأوائل من ذي الحجّة؛ وهي أيّام عظيماتٌ مباركاتٌ، منَّ الله بها علينا للصّلاة، والتّكبير، والصّيام، والصّدقة، وحجّ بيته الحرام، والإكثار من كلّ ما هو خيرٌ منجٍ، والابتعاد عن كلّ ما هو شرٌّ مهلك، (ذلك ومن يعظّم شعائر الله فإنّها من تقوى القلوب).
وحسبُك بقسم الله في قوله جلَّ جلاله: (والفجر * وليالٍ عشرٍ)؛ دليلًا سافرًا على مكانة هذه الأيَّام ومنزلتها بين سائر أيَّام السَّنة، وفي قول رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلَّم: (ما من أيَّامٍ العملُ الصّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى الله من هذه الأيَّام العشر)، ما يحضُّ المؤمن على اتّخاذ الأهبة لعمل ما يتسنَّى من خيراتٍ في هذه الأيَّام، فاحرصْ فيها على البرّ، واعمل فيها الحسنات قدرَ المستطاع.
#