Articles

السلام عليك يا رسول الله!

بقلم جبريل عائشة لي

ولأنني أنتمي إلى الحُبِّ والحبر، فإن كل ما كتبته أوسوف أكتبه فيك، مقدمةٌ لكلمة واحدة هي: أحبُّك ..
حبيبي رسول الله! ولأنّ القواميس لا تكفي لترجمة ما في قلبي من مشاعر الاشتياق والحنين، فإنني يا سيدي لا أكتبك على الورقة لموْسقة الحرف أو فرْدسة الكلمة. فكلّ ما أتمناه عندما أكتب فيك، هو البحث عن أقصر طريق للوصول إلى ذي الجلال والإكرام .

يا من لا تملّ الحروف والكلمات من حمل اسمه الشريف على أكتاف المعاني البديعة. يا من تعجز الأقلام والمداد عن وصف عظمته ونبوّته الخالدة. يا رمز العظمة وأيقونة السماحة ! سيّد الأنام وخيرة الأعلام! صلى الله عليه وسلم!
مولاي وحبيب قلبي! أضاء مولدك الأكوان وأحيا منهجك الأرواح، أنتَ طريق الإنسانية إلى محطات الصلاح والفلاح. أنت دليل البشرية إلى تخوم الحريّة وسبل السلام ومشارف الوعي والرشاد.

لولاك لما كان للانسان على وجه هذه الأرض الرحبة ، بوصلة ولا نور يمشي به بين الناس. لولاك لكان الانسان هائما يلاحق العمر المنزلق، ويصطدم مع الأهوال والكوابيس. يتجرّع كؤوس الألم واللاجدوى لذلك ( وإن تطيعوه تهتدوا) إنّ الطّمأنينة التي نشرتها على أفنية حياة البشرية، ليست من ذلك النّوع الذي يجعل المرء غافلا عن الحقيقة، نائما على وسادة الجهل، وإنّما هي السكينة التي تجعل الانسان يصل إلى الحقّ المطلق، إلى معرفة غاية الخلق، ليعبد الخالق على بصيرة.

فأنت النبي الهادئ، الذي رسم لنا خارطة طريق. وضعت المنهاج الأكمل للحياة الانسانية. حياة مٌثلى ينسجم فيها الانسان مع ربّه ومع نفسه ومع غيره.حبيبي يا طبيب الأرواح العليلة والأفئدة السقيمة، كيفَ تظمأ قلوب أناسٍ يستلهمون حروفَك، ويمشون على خطاك، ويشربون من معين نورك المبين .

رسول الله ! إن عظمتك لم ترتكن إلى الترويج والتطبيل الاعلامي، كما حدث للكثير من القادة. ولم ترتبط زعامتك بالمراكز ولا بالالقاب والمناصب، مثل الكثير من رجال السياسة. وقيادتك الرشيدة لم ترتكز على الخطابات المنمّقة والكاريزما المزيّف.
قرأت بيوغرافيات الكثير من الزعماء والعظماء، الذين أتحف التاريخ الباذح بأسمائهم. أمثال ونتشون ترشيل، يوليوس قيصر ، نابليون بونابرت، أبراهام لنكون، جورج واشنطن .. فوجدتٌ أنّ عظمة هؤلاء، مرتبطة إما بالجاه أو بالخطابة أو بالجهاز الاعلامي أو بالمنصب السياسي.
أما أنت يا سيّد الثقلين! فعظمتك كانت قوّة إيمانية خارقة، نابغة من ذاتك وإيمانك برسالتك المقدّسة وقضيتك النبيلة.

فلم تحرّك الناس بالمغريات المخادعة ولا بأجهزة السلطة الضاربة ولا بالأوسمة المزخرفة، وإنما تحرّك أصحابك وأمتّك بالحبّ والحماس واستشراف المبادئ والقيم واللطائف ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك )
وأي عظمة أرفع درجة من أن يعرج الانسان إلى السدرة المنتهى، إلى الملأ الأعلى، ثم يرجع إلى رمضاء مكة، يأكل الطعام مع الفقراء ويمشي في الأسواق. يجالس أهل الصّفة في زاوية مسجد من طين !

يقول المربّي الأمريكي ( رالف والدو إمرسون ) : خطر العظماء وخطر الكبار، أنّ كلّ من اقترب إليهم يفقد تميّزه وإشعاعه.
وهذا ما لم يحدث لك يا رسول الله ! فأنت كل من اقترب إليك صار أكثر نورا وتألقا وعظمة وإنسانيّة. ومن قرأ ( أسد الغابة ) لابن الأثير. و ( الاستيعاب ) لابن عبد البرّ، يفهم كيف عرج الصحابة الأبرار، إلى مدارج الشموخ وعبروا سلالم السيادة، وكلّهم مجرّد نجوم صغيرة في كوكب ولايتك العظمى يا ينبوع الهداية ومنارة الاستقامة. لذلك كلّما ازداد الانسان بعدا عن منهاج رسول النّور عليه الصلاة والسلام، ازداد انهيارا وانجرافا إلى قيعان الظلام وأغوار التعاسة والانتكاسة .

سيدي الذي أشتاق له كثيرا! لا يستهزأ بك إلاّ الصعاليك الذين يفكّرون بعقول القرون الوسطى الهائمة. عقليّة الشاعر الإيطالي (دانتي ألغييري) الذي تطاول على شخصيتك العظيمة، في كتابه الساخط ( الكوميديا الالهية ) ولما كتب الفيلسوف الفرنسي فولتير مسحريته الشهيرة للنقص من قدرك. قال نابليون بونابرت أكبر سفاح في أروبا : ما بال فولتير يستهزأ برجل التاريخ.
لذلك من يتطاول عليك يا حبيبي يا رسول الله! عليك الصلاة والسلام، فإنه يخدش من كبريائه ويغذي أنانيته بالغلّ والحسد، ويقتل نفسه بنفسه.

صلوات ربي وسلامه عليه يا طه الهادئ الأمين

السماوي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى