أخبار

نواكشوط : تحية لروح السميّ الكريم
الشيخ محمد الفاضل في مناسبة ذكرى ولادته

فاضل غي

الشيخ محمد الفاضل امباكي
نجل الشيخ الخديم والشيخة حواء بوسو من مشايخ السنغال الذين ترسخت أعمالهم ومواقفهم في أذهان أبناء البلاد على اختلاف أسرهم وانتماءاتهم وطوائفهم ، ذلك لأن “غلس ” كان أريحيا جامعا للخصال التي يتمناها “دُوم سُخن ” في كل زمان ومكان ، تميز الشيخ الفاضل طول حياته بغزارة العلم وسعة الأفق والاطلاع ، حكيما في أقواله وقراراته ، محبا للإسلام والمسلمين أينما كانوا في مشارق الأرض ومغاربها ، شمولي الفهم لماهية الإسلام ، لا يتعصب لطائفته ، بل يتواصل مع الطوائف الأخرى ، ولا يُظلم عنده أحد بل ينصر المظلوم ، ولا يتجاهل الذي يأتيه يطلب المعونة أو يمنن يستكثر ، بل يغدق عليه ما هو فوق تصوره كرما وجودا وشفقة.


ولا أتحدث لكم عن صدق حبه لشيخه الوالد وتعلقه به ، فيكفيكم أنه أخذ العهد بينه وبين نفسه على السعي جادا وبكل حزم وعزم على تحقيق الأمنيات التي كانت عزيزة على الوالد الشيخ أحمد بامبا ولم يتمكن من تحقيقه وهو على قيد الحياة . كان الشيخ الخديم يتمنى حج بيت الله الحرام وزيارة حبيبه ومخدومه أبي الزهراء محمد صلى الله عليه وسلم ،وكانت الإقامة الجبرية التي فرضها عليه المستعمر الفرنسي الظالم البغيض يمنعه من تحقيق هذا الحلم الكبير ، وكان رحمه الله يتغنى بهذه الأمنية الغالية قائلا : زر من تحب وإن شطت بك الدار
وحال من دونه سهل وأوعار
لا يمنعنك بعد عن زيارته
إن المحب لمن يهواه زوار
وأبيات أخرى كثيرة في قصيدته العصماء والخالدة ” الرائية ” . وفارق أبو المحامد دنيانا سنة ١٩٢٧ – فأعد إبنه الفاضل العدة واتفق مع أخيه وحبيبه الشيخ محمد المصطفى الإبن البكر لخادم الرسول ، ثم تشاور مع خاله ورفيق درب شيخه الوالد ، مفتي الديار السنغالية في زمنه الشيخ امباكي بوسو ، كما تحدث مع عميه الشيخ مام جيرنو امباكي والشيخ أنت ، واتفقوا جميعا على أهمية وضرورة الحج عن الفقيد العزيز مؤسس المريدية ، وهكذا سافر صاحب هذه الذكرى ” بايُ امبين فاضل ” على رأس وفد في رحلة الحج ضم الشيخ امباكي بوسو ، ومام شيخ أنت وغيرهم من الأقرباء والأبناء ، وبذلك الحج وفق في تحقيق أمنية والده أحمد بامبا .
وأمنية أخرى غالية تحققت على يده بعد تخطيط وتصميم ، جاء بعدهما عمل متواصل لبنتُه الإخلاص والإصرار على استكمال بناء جامع طوبى الذي دشن في بداية ستينيات القرن الماضي ، وظل هذا المسجد الجامع حتى اليوم من أهم وأكبر المعالم الدينية في القارة السمراء .وقد قال في قصيدة جميلة بعد تمام مشروع الجامع مخاطبا شيخه الوالد :
كما قد كنت تأمل ياخديما
به هنئت في دار النعيم
فكن في نعمة أبدًا مقيما
معافى مرتضى شيخ الخديم
كان صاحب الذكرى الشيخ الفاضل عالما حكيما ،وأديبا شاعرا ،حريصا على خدمة كتاب الله ،مع الولع بالحث على طلب العلم ،وكانت له نظرة شمولية إلى الدين الإسلامي كما أسلفت ،لذلك كان منفتحا على أبناء الأمة الإسلامية قاطبة .
وكان حبه وحسن تعاونه مع إخوانه من أبناء الشيخ واضحا كل الوضوح ،وكانوا جميعا يحبونه ويميلون إلى فضيلته ،حريصين على الوقوف بجانبه لتنفيذ المشاريع الكبرى التي ينفذها قبل وأثناء خلافته حتى وافته المنية في سنة ١٩٦٨.
أتوجه وبلادنا العزيزة تحيي هذه الذكرى المباركة بتهانيّ وتبريكاتي بمناسبة كز رجب إلى الأسرة الفاضلية أبناء وأحفادا ، داعيا المولى عز وجل أن يعيدها سنوات طويلة ونحن وهم في حب يتزايد للشيخ الحكيم والأريحي العظيم محمد الفاضل امباكي مع التمسك بالمبادئ السامية التي عاشها والتي كان يدعو إليها الابناء والأحباء والأتباع .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: