actualite

مَوْلَايَ، هَا هُوَ التَّارِيخُ يَرْكَعُ لَكَ إِجْلَالًا!

مام مور امباكي حمدي

بمناسبة افتتاح «مجمع الشيخ أحمد الخديم للتربية والتكوين» في «طوبى»، وهو مؤسسة تربوية تضم مدرسة قرآنية، ومجالس علمية، وجامعة، ومعاهد متخصصة في مجالات مختلفة، على مساحة أرضية تبلغ 30 هكتارا بتكلفة إجمالية مقدرة بـ 75 مليون دولار أمريكي (37,7 مليار فرنك سيفا)، أقامها مولانا الشيخ محمد المنتقى امباكي الخليفةُ العام لـ«لطريقة المريدية» بـ«السنغال»، وكان قد أعلن عنه في خطاب له في 05 من فبراير 2018م، ثم وضع الحجر الأساس في 50 ديسمبر 2018م، وكان يوما عظيما ارتج فيه الناس وعلت أصواتهم فرحا، حضره سادة «الطريقة المريدية»، وعددٌ غفير من المريدين وغير قليل من قادة البلد.
ومن بديع الموافقات وجميل المصادفات، أنه -بنعمة الله تعالى وتوفيقه- سيتم افتتاح هذا الصرح العظيم -إن شاء الله تعالى- في 06 فبراير 2023م، الموافق لمنتصف رجب 1444هـ، ليكون بشرى لشيخنا العبد الخديم -رضي الله عنه-، والذي يقول شاكرا:
وَهَبْتَ لِي مَا مِنْكَ رُمْتُ فِي «رَجَبْ» = كَرَامَةً مِنْكَ تُدِيمُ لِي الْعَجَبْ
ويقول أيضا -رضي الله عنه-:
دَعَوْتُهُ وَلِي اسْتَجَابَ فِي «رَجَبْ» = وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ بِالْمُنْتَجَبْ
وتجدر في هذا المقام الإشادة بهذا الإنجاز العظيم الفريد، والتهنئة لهذا البطل الذي انبرى لإقامته؛ تحقيقا لأمنية جده، جَنتنا وجُنتنا مولانا العبد الخديم، قدس الله سره وشكر أمره.
إنه أمر عظيم سيدونه التاريخ، بلا شك، في صفحات العز والشرف؛ ليذكره الآباء للأبناء والأجداد للأحفاد.
وقد كنتَ موفَّقا في الانتقاء يا سيدي منتقى، بالابتداء بإقامة هذا «المشروع» الذي طالما كان شوكة في حلق «الطريقة المريدية»؛ فجمعتَ بفضل ذلك رضى المحامد، وصرتَ به قبلة المادح والحامد، فلا زالتِ الأيامُ تتطلَّعُ لك بفوائد السرور، وتتوارد عليك بعوائد الحبور!
هنيئا لك بهذا الإنجاز التاريخي العظيم، وهنيئا له بك سيدي، فإن شئتَ استعرتَ كلام عمك الفاضل لجدك المنقذ من الضلال بعد تمام الجامع الكبير:
كَمَا قَدْ كُنْتَ تَأْمُلُ يَا خَدِيمَا = بِهِ هُنِّئْتَ فِي دَارِ النَّعِيمِ
فَكُنْ فِي نِعْمَةٍ أَبَدًا مُقِيمَا = مُعَافًى مُرْتَضًى شَيْخَ الْخَدِيمِ
حققتَ اليوم مولاي أمنيةً عظيمة لـ«لطريقة المريدية»، وسيحفظه التاريخ لك، ليكون مجدا ينضاف إلى أمجادك الجمة، فلا عدمناك، ولا عدمنا منافعك وبركاتك.
سَيَذْكُرُ التَّارِيخُ، خاصة أمام أحفادنا، فناءَك في حب الشيخ الخديم -رضي الله عنه-، وذلك، سيدي، خير لك من حمر النعم، إذ به نلتَ كل ثواب، وبه وُفقت إلى طرق الرشد والصواب.
سَيَذْكُرُ التَّارِيخُ، أنك مريد يجسِّد «الهمة العليا» التي كان جدك يدعو إليها من «امباكي كجور» إلى «جربل»، وما فاق الرعيل الأول من المريدين إلا بها، ولن يصلح أمرنا الليلة إلا بما صلح به البارحة.
سَيَذْكُرُ التَّارِيخُ، وعلى مدى قرون متعددة، بلسان رطب من الإشادة والتبجيل، أنك عظيم قضيتَ عمرك كله من شرخ شبابك إلى هرمك في خدمة العلم وأهله، ولا تميز في ذلك بعيدا من قريب؛ فكان حقا أن يبتهج بك الزمان، وتزدان بك الأبدان.
سَيَذْكُرُ التَّارِيخُ، أنك تربعتَ على الخلافة في زمن يسوده هرج ومرج وصراع مرير بين الثقافات؛ فرفعتَ همم المريدين بأعمالك، وبينتَ هويتهم الصوفية الإسلامية التي يتميزون بها عن غيرهم بأخلاقك. وهذا جلي كالشمس في ضحاها.
‏سَيَذْكُرُ التَّارِيخُ، بكلمات من نور، في صفحات المدح والثناء، أنك جسدت أمنية جدك -رضي الله عنه- في إقامة مَعلمة «تكون رحلة السنغال إليها في العلوم العربية، شرعيتها وآلاتها»، وتلك أمنية كانت عنده عظيمة وفارق الدنيا قبل تحققها!
سَيَذْكُرُ التَّارِيخُ، في أهم صفحاته، مواقفك النبيلة تجاه الشعب السنغالي، وإنفاقك الذي لا تفرق فيه بين المريدين وغيرهم، ولا بين المسلمين وغيرهم. يا أبا الشعب وقائد المسلمين.
سَيَذْكُرُ التَّارِيخُ، مواقفك النادرة النبيلة العظيمة أيام جائحة كورونا؛ فلم تغلق المساجد ولم تحجم عن تنظيم يوم الشكر (المغل)، ولم توقف أعمال «المجمع»؛ بالرغم من نباح الكلاب وصفير النسور، والمدح في ذلك كله لك، إلى يوم النشور. فالكبيرُ أنتَ سيدي!
سَيَذْكُرُ التَّارِيخُ، يوما، بأنك أنقذتَ السنغال في «حوادث مارس 2022م»، فلم تخيب قط آمال المسلمين، وما شأن الإضرابات وأحداث الكتاتيب عنا ببعيدة. فلا زلتَ خادما للأبرار، ودافعا للأشرار، خائف الجبار، وفائقا كل باسل و«جَمبار».
سَيَذْكُرُ التَّارِيخُ، يوما، أن جميع من زامنوك، قادة وشعبا، شهدوا أنك ماجد الأعراق وكريم الأخلاق، وأنك «خيرٌ» يشار إليه بالأصابع، و«بركة» تفجرت منها الأنهار والينابع.
والشيء بالشيء يذكر، فسَيَذْكُرُ التَّارِيخُ، وعلى مدى قرون مقبلة، بلسان رطب من الاعتزاز والمدح والثناء، ما قدمتَه للعلم والدين من أعمال جليلة وفيرة، وخدمات عظيمة جلية كثيرة.
وجماع ما سلف، فقد حنثت يمينك يا زمان، وَسَيَذْكُرُهُ التَّارِيخُ يَوْمًا، فكفر!
وفي ذكر هذا غنية وكفاية، والله نسأل ببركة عبده الخديم، تحفةِ المتضرعين، وكنزِ المهتدين، أن يمتع الشيخَ محمدا المنتقى بالصحة والعافية وأن يتقبل خدمه لشيخه الخديم -رضي الله عنه- جذبِ القلوب وسُلم الوصول، بجاه مخدومه -صلى الله عليه وسلم- نور الدارين، والحامي عن العارين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى