Articles

مقال: وقفةٌ على “آيةٍ قرآنية” لدارسة الانتخابات الرئاسية في السنغال

بقلم: شعيبُ بن حامد لوح.

{…قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأرْضِ فَيَنْظُرَ كيْفَ تعْمَلُونَ}. (الأعراف: 128).
آية قالها رسول الله موسى عليه السلام لطمأنة وبعث الأمل في نفوس بني إسرائيل إثر الاضطهادات المريرة والعذاب القاسي من المُتجبر البطَّاش فرعون الملعُون، وقد مضت الأيام ومرت السنون وكان الأمر طبق ما توقَّع موسى عليه السلام بإهلاك عدوهم فرعون غرقا في البحر، وتوريث بني إسرائيل ممتلكات أعوان فرعون النفيسة بما فيها البلاد وما احتوت من خيرات وكنوز، قال تعالى: {فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وُعُيُونٍ وُكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَريمٍ كَذَلكَ وَأَوْرَثنَاهَا بَنِي إسْرَائيلَ}، (الشعراء: 57-59). لكن ربنا سبحانه وتعالى عقب الآية بكلمة تعتبر العبرة والمقصد الأسمى من كل ذلك: {فَيَنْظُرَ كيْفَ تعْمَلُونَ}.
وإرجاع البصر كرَّتَين إلى الآية والعبرة التي تضمنتها ليؤدي بنا إلى القول بأنها (الآية) مناسبة تماما مع ما يحدث في وطننا السنغال الذي خاض في يوم 24 مارس 2024م انتخابات رئاسية أظهرت بعد فرز الأصوات لأهم المناطق في البلد فوز تحالف المعارضة الأقوى في البلد (تحالف جُومَايْ رئيسا)، وذلك في الجولة الأولى بإقرار جميع المُرَشحين بمن فيهم مرشح الحزب الحاكم (أمدُ با).
وهذه الانتخابات في الحقيقة كانت بمثابة انتصار لا مثيل له لجميع الأطياف والشرائح في المجتمع (رجالا ونساء شبابا وشيوخاً)، وقد جاءت في وقت كان الشعب السنغالي المُسالم في الطبع والصبَّار للاضطهاد متشوِّقا إلى تغيير هذا النظام السياسي الموروث منذ حِقبة الاستعمار. إضافة إلى مَلل الناس من الفساد العريض لدى المقربين وأنصار الرئيس ماكي سل، وفشو الظلم السياسي، والتعسف القضائي، وغياب روح المواطنة، وتقديم مصالح أجنبية على حساب الوطن، وغلاء الأسعار، وتقييد الحريات لأدنى سبب… كل هذه الأمور وغيرها من موجبات الهزيمة التي تلقاها تحالف الحزب الحاكم.
وهذه الأسباب كما ترى أيها القارئ أسباب قوية مستلزمة للتغيير خصوصا إذا وجدت أمارات وبارقة أمل في حزب (حزب باستيف) يحمل مشروعا رأى فيه أغلبية المصوتين حلولا شافية للمعاناة وبلسما للجروح المندملة.
الآن وقد تحقق ما كان يرجوه تحالف (جوماي رئيسا) من نصر وفوز ساحق نضع أمامهم هذا الجزء من الآية: {فَيَنْظُرَ كيْفَ تعْمَلُونَ}. ننتظر وننظر هل فعلا يستحقون هذه الثقة الكبيرة التي وضعها الشعب فيهم؟ ننتظر وننظر إلى أي مدى يمكن تحقيق الأحلام التي جعلوا أغلب المصوتين يحلمون بها؟ ننتظر وننظر كيف يُحدثون تلك الإصلاحات الجذرية في مختلف المجالات التي وعدوا بها السنغاليين أثناء الحملات الانتخابية؟ ننتظر وننظر هل يعيدون للدولة وجهها الذي عرف به من الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة وتدعيم التعايش السلمي.
هذا، ولا يُفهم من قولنا أننا ننظر إليهم كملائكة فوق الأرض لا يُخطئون ولا يتعَثَّرون، بل لأن الظنون فيهم حسنة، والرجاء فيهم قوي، وأياديهم نظيفة، وسيرة حياتهم مُقنعة. على أننا ندعو الله النصير والمُوفق أن يوفقهم ويُمكنهم وينصرهم وينير لهم الدروب، وهو على ذلك قدير وبالإجابة جدير.

14 من رمضان 1445 هجرية.
25 مارس 2024 ميلادية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى