مقال: هذا هو الإسلام، فأي إسلام تعني…؟
أبوبكر تيبو سيس
يشكل الفساد المالي السبب الأساسي لعدم تقدم الدول خاصة البلدان النامية التي تنتمي إليها القارة السمراء.
فعلى سبيل المثال: احتلت السنغال المرتبة 66 من بين 180 دولة حسب تقرير transparency International من عام 2016 إلى عام 2019.
كما هو الملحوظ قد استقرت السنغال في المنطقة الحمراء وبنفس الدرجة في التصنيف المذكور ما يربو على ثلاث سنوات متتالية.
ولا يخفى على كريم علمكم أضرار الفساد المالي على الدول، فأخف ضرره أنه يهدم أركان اقتصاديات الدول….؛ قد كلّف السنغال في عام 2017 خسارة مقدرة ب 118 مليار فرنك سيفا حسب تقرير صدر من المكتب الوطني لمحاربة التزوير والفساد (ofnac).
لأجل ذلك سنت القوانين وصيغت البرامج لمحاربتها في كافة الأصعدة في البلد ولكن بلا جدوى. ويكمن السبب في عدم انتهاج الطريق الأمثل للحد منه.
ولا يوجد ألف حيلة للخلاص من آفة الفساد المالي سوى الحل الناجع الذي وضعه رب الخلائق من خلال شريعته الغراء؛ حيث جعل المسلم يخضع للرقابة الإلهية يستحضرها عند الخلاء وأمام الملأ متيقنا بمعية الله العامة، ثم جعل حفظ المال من جانبي الوجود والعدم إحدى كليات الشريعة الخمس بل أفاد النبي صلى الله عليه وسلم أنه: لن تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع، منها: عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه… وهلم جرا
يا تُرى، هل وُجِد نظام آخر أحكم وأقعد قادر على أن ينقذ العالم من هذه الجائحة النكراء غير هذا النظام الرباني؟!
وما مدى توغل الوازع الديني -الذي يجعل المرء يراقب الله سبحانه وتعالى في السر والعلن- في النظم الاقصادية الأخرى دون الإسلام؟!
وهل يتوقع ممن يمتثل بهذه الأخلاقيات الرفيعة أن يحوي فلسا في جيبه بدون حقّ أو يسطو على ممتلكات الغير كما هو سائد عند بعض من يسوسون خزائن الدولة؟!
وهل نصدّق فرخا أمام هذه المنظومة الإلهية المتكاملة التي تحصن الممتلكات العامة بسياجها الكثيب والمنيع عن أيادي المفسدين والعائثين، أتى ليردد ما تلقاه من أسياده بأن أساس تخلف القارة السمراء هو الدين، وعلى وجه التحديد، الدين الإسلامي الذي حارب الفساد المالي الذي أقض مضجع الحكام الجادين بهذه الكيفية المتقنة؟!
وقد يقول القائل: ”كيف تفسر إذن احتجاز بعض الدول الإسلامية المراتب المتقدمة في تصنيف شيوع الفساد المالي في أقطار العالم مثل السنغال؟“
نقول: المشكلة فيهم وليس في الإسلام؛ إذ الأسس التي وضعها الإسلام في الباب واضح مثل ضحوة النهار، والفلاح كل الفلاح في تبنيها وتربية الأجيال خصوصا الناشئين على تلك المعاني السامية، وسيتعس كل من ضربها عرض الحائط وسلك مسلكه الخاص بعد أن سولت له نفسه القدح في ديننا الحنيف لحطام الدنيا يظفر به…
لذا كان على تلك الأفراخ المصابين بالانهزامية والانبهار للغرب والذين لا يهمهم سوى البِطْنَة ولو على حساب الدين، دعوةُ الناس إلى المنهج الصحيح والقويم الذي رسمه الإسلام وليس إغراءهم بنعرات جاهلية جوفاء تدعو إلى الانسلاخ عن دينهم.
ومع بطلان ادعائهم، يزعمون بأن ما درجوا إليه من رأي ينم عن تحليل مفكر واع، هيهات، قد أبعدتم النجعة!! بل إنه تحليل صبياني لتخلف الوطن الإفريقي ولا غرو في ذلك؛ إذ وراء كل خلط جهل مركب.