Articles

مقال: مستشرق يبرز انطباعات المسلمين بدخول رمضان

أحمد صالح حلبي

لم يكن تشارلز داوتي مستشرقا مهتما بدراسة تاريخ الشرق وحياة شعوبه فقط ، لكنه كان رحالة عالما ، جمع بين دراسة الجيولوجيا في جامعة كمبردج ، ورحلاته الاستكشافية بالمناطق المتجمدة في سنوات شبابه الأولى ، فهو من مواليد 19 أغسطس 1843 ، بالمملكة المتحدة ، اهتم بخدمة اللغة الإنجليزية ، ودرس اللغتين الدنماركية والهولندية.

واستطاع في عام 1876 م وهو ابن الثالثة والثلاثون أن يصل إلى مدائن صالح ويتجول فيها ويستنسخ كتاباتها ورسومها المنقوشة على واجهات المقابر، بعد أن فشل الرحالة والمؤرخ السويسري بوركهارت ، والعسكري والمترجم الإنجليزي برتون في الوصول إليها .

وبدأ داوتي رحلته متجها إلى اسبانيا ومنها إلى إيطاليا فاليونان ، ثم مصر التي وصلها عام 1875م ، ومنها انطلق عبر صحراء سيناء إلى البتراء ، وهي مدينة أثرية وتاريخية تقع في جنوب الأردن ، وتشتهر بعمارتها المنحوتة بالصخور ونظام قنوات جر المياه القديمة ، وهناك سمع عن مدائن صالح التي كانت تعرف قديماً بمدينة الحِجْر ، والواقعة في شمال غرب شبه الجزيرة العربية ـ المملكة العربية السعودية حاليا ـ ، فقرر التوجه صوبها ليحقق ما عجز عنه بوركهارت وبيرتون ، ومن البتراء انضم إلى قافلة للحج تحت اسم مستعار (خليل) ، ووصل إلى مدائن صالح في نوفمبر 1876م ، ليحقق ما عجز عنه أقرانه فتجول بها واستنسخ الكتابات والرسوم المنقوشة في واجهات المقابر ، ولم يواصل رحلته مع الحجاج بل عاش مع جماعة بدوية وتجول معهم ، وفي يوليو عام 1878م توجه مع قافلة للحجاج إلى الحجاز، ووصل الطائف ثم توجه إلى جدة في أغسطس 1878م ، واستطاع خلال الفترة من (1876-1878) أن يتناول بالتفصيل مدائن صالح وتيماء والعلا، وبريدة وجبل شمر، وخيبر والطائف وجدة ، ويعد كتابه “ترحال في صحراء الجزيرة العربية” ، الذي عمل على إعداده وكتابته على عشر سنوات، وصدر عام 1888، في 4 مجلدات، وقام المركز القومي للترجمة بمصر عام 2005 بإصدار ترجمة له أنجزها صبري محمد حسن، وراجعها وقدمها الدكتور جمال زكريا قاسم ، من أبرز الكتب التي تناولت الجزيرة العربية ، وفيه ابرز انطباعات السكان بدخول شهر رمضان المبارك ، وتمسكهم بالالتزام بصيامه وقيامه ، رغم حرارة الجو .

ويقول في كتابه: “كان رمضان، شهر الصوم، على وشك الدخول، وهذا الشهر يشغل أرواح المسلمين، بما في ذلك الأعراب الذين يعيشون في البادية، ويُضفي على تلك الأرواح المزيد من الورع والتدين، هؤلاء البدو يُحاكون ما يحدث في الحضر، ذلك الذي شاهدوه في المدينة المنورة، وهم يخرجون من بيوتهم في مواقيت الصلاة، ويقفون على شكل صفوف، ويستمعون إلى الإمام، ويحنون جباههم الخالية ثم يسجدون، حيث المسلمون جميعا يتساوون في الدين والعبادة”

للتواصل ahmad.s.a@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى