Articles

مقال: خطورة النزاع الإثني في فك الترابط الإجتماعي..

أ. بوبكر السنوسي

إنّ العامل البيولوجيّ والطبيعيّ والتّاريخيّ ، يُساهمان بشكلٍّ نسبيٍّ في تكوين شخصيّة الفردِ من ناحيته النفسيّة والسّلوكيّة ، إلى جانب ناحيته الاجتماعيّة والسّياسيّة ، ويلعبان دور توحيد الشّعوب ، وتحديد هُويّتها وحضارتها وتمييزها عن الأخرى .

والتّمثُّلاتُ الاجتماعيّةُ سَعَتْ عبْر التّاريخ البشريّ ، في تخفيف الصّراع بين الشّعوب والحضارات ، لكنها عاجزة عن تحقيق الاستمرار السّلميّ بينها ، ففي القرون الوسطى حدثَ صراعٌ دينيٌّ بين البروتستانيّة والكتلوثية رغم انتمائهما إلى المسيحيّة !

ومن هنا ، تجدر الإشارة إلى تقديم لمحة تاريخيّةٍ موجزة تبرز لنا الحياة الاجتماعيّة ، السّائدة في مجتمعنا السّنغاليّ قبل حضور المستعمر الغربيّ .
كانت حياة السّنغاليين الاجتماعية حياةً تميل إلى التكاتف والتكافل والتّضامن ، بغضّ النّظر إلى الاعتبار العرقي والقوميّ ، الأمر الّذي ساهم في توطيد العلاقات بين سكّانها ، وحدوث الشعور الجماعيّ نحو وحدة قوميّة تعمل على إشباع حاجيات المجتمع بكل الوسائل الممكنة .

لكن في هذه الآونة الأخيرة ، شهد المجتمع السّنغاليّ – خاصة – فيما بين ٢٠٠٨ – ٢٠٢١م تجمّعًا شعبيّا حيِّيًا ، تربطهم علاقة الزّمالة والقُطريّة ، تميل حياتهم إلى الجلوس تحت شجرةٍ معيّنةٍ من الحيِّ ، بأغراضٍ تبدو غامضة أمام دورهم الإسهاميّ في بناء المجتمع والسّهر على تأمينه!
رغم ذلك ، فقد تولدتْ من هذا التجمّع فكرةُ مدِّ السّيطرة الفكرية على باقي التّجمّعات المحاذية ، والقضاءُ عليها وطمسُ وجوديّتها هو فكرة أغلبيّة أفراد هذا التّجمّع ، مما يؤدّي حالة من الشّجار المستمرّ البغيض بينهم على مستوى النّشاطات التّي تُقيمُها البلديّاتُ أو السّلطةُ الإقليميّة .

فالجامعات العلميّة طبيعيًّا تستقبل أفراد تلك التّجمّعات الشّعبيّة ، بغرض إعدادهم علميا وفنيّا ومهنيّا ليساهم كلُّ فردٍ من أفرادها في بناء الوطن وتنمية مجالاته وتحسينها ، عن طريق تزويدهم بالتّطبيقات العلميّة والمعلومات المهنيّة والفنيّة ، والعمل على تمرينهم عليها والسّهر على إتقانها .

فكان من المنطقيّ نبشُ الفكرة التّي كانت تجمعهم من جديدٍ ، بأغراض تختلف عن الأغراض القديمة ، نظرا للنضج العقليّ والمستوى التّعليمي الذي وصلوا إليه ، لكن لا يدلّ على تنازلهم عن الموقف القديم بالجديد !

إنّ العِرق ليس له محكاتٌ منطقيّة ليمارس الفرد موقفه الوحشي على حساب الأعراق الأخرى ، والضّغط العرقي عاملٌ أساسيٌّ لفكّ البنى الاجتماعيّة ، لذا علينا ضرورة السّهر على دراسة نقديّة وتحليلية شمولية لعواملَ التّي تسهم على التّراجع الحضاريّ والفكريّ لدى الفرد والمجتمع!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى