مقال : صلاة الفجر عبادة وطاقة..
بقلم جبريل لي السماوي
صديقي القارئ ! أسأل الله المولى سبحانه وتعالى، رب العرش الكريم، أن تجدك هذه الحروف الخجلة وأنت ترتدي ثياب العافية..
إعلم – وفقك الله لطاعته – أنّ الفجر ليس وقت يقظة الكون فحسب، وإنما هو ساعة صحوة الروح للاتصال المباشر مع خالق الأكوان سبحانه وتعالى. وليس مجرد وقت عابر على عقارب الساعات، وإنما هو إعلان رسمي من السماء، لفتح بوّابات الغفران والرضوان .
سيدي القارئ! في الفجر يضيء ربك هذا الوجود الفسيح، بالنور الوهاج، فهل يعجز الملك الديّان إنارة قلبك الصغير، الغارق في قعور الغيّ والدّجى ؟
يا لمتعة الارتكاز على زاوية مسجد، سابحا ومستغفرا، لانتظار صلاة الفجر ! ويا لجمال الأنس والحوار مع الله عبر تلاوة كتابه وقت الأسحار !
إنّ ركعتيّ الفجر تعبئ الفرحَ في سلالِ القلب. وفي ملازمة الاستغفار بين أذان الفجر والإقامة، طمأنينةً وديعة تمحو أي حُزن عابر. جاء في صحيح المسلم عن النبي عليه الصلاة والسلام ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ) وهل تقبل أن يسرق منك النوم ويسلب منك الشيطان المارد، هذا الخير الكثير.
فكن من أوائل من يتبادرون إلى المسجد، متحديا نزوات النّفس والهوى، للريّ من جداول البركات والهبات ريًّا ( بورك لأمّتي في بكورها )
عند الأسحار كل شيء في هذا الكون العظيم يكون بريئا وجميلا، فالنجوم في ذروة السماء تقرأ أوراد الصباح، والقمر يبدو مبتسما متوقّدا بالعشق الخالص، يقصّ ضفائر الليل، والنسيم يقوم بأداء فريضة توزيع الأمل. والدراويش يعيشون حيوات أخرى بين الركوع والسجود
فاربط ثياب العزيمة والتوبة النصوح، وادخل إلى محاريب الفجر المشرق، عاشقا متصدّعا من خشية الله، وتسأل ربك الكريم، بوْصلة الهدى والرشاد.
فالفجر نقطة إنطلاق العبد للابحار إلى مقامات النور، والسباحة في كوثر السكينة، المتدفّق في ملكوت الله العزيز الحميد..
يا إله العالمين ..ربّي ، أصلح لي أمري وأمر جميع الخلائق. واجعلنا ممّن تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعونك خوفا وطمعا.
يارب ! أيقظ أرواحنا الهائمة ونفوسنا التائهة في عتمة الظلام، لأجل أن ندرك قافلة الفجر. يا ربّ حبّب إلينا صلاة الصبح. فنحن لا نطلب شيئا سوى الدخول إلى أقواس نورك الساطع، عند يقظة هذا الكون العظيم.