مقال: العلاقات السعودية الافريقية
د.أمينة العريمي
باحثة إماراتية في الشأن الأفريقي
تناولت في دراسات علمية سابقة علاقة المملكة العربية السعودية بالقارة الافريقية كان أولها في جريدة الأنباء الكويتية في إبريل عام 2017 تحت عنوان ” الحسابات الخليجية في القرن الأفريقي ” والذي تجدونه أعزائي القراء منشوراً في عدة مواقع خليجية وافريقية تناولت في تلك الدراسة علاقة دول مجلس التعاون الخليجي بدول القرن الافريقي ، وبعد ذلك تناولت علاقة المملكة العربية السعودية بإفريقيا في عدد من اللقاءات والمؤتمرات والمنتديات الإفريقية التي دعيت اليها والتي تجدونها منشورة في موقع العلاقات الخليجية الأفريقية الرسمي ، ومن خلال خبرتي في هذا المجال تبدو الرياض متفوقة في تعزيز خط سير تلك العلاقات لما لها من مكانة دينية في قلوب مسلمي افريقيا عموماً، وتنوعت العلاقات السعودية الافريقية من التبادل التجاري إلى عقد صفقات إستثمارية متنوعة ساهمت بشكل كبير في تعزيز دور المملكة في افريقيا ، فلقد قدمت الرياض قروضا ميسرة لداكار منذ سنوات ضاربة في الطول ، كما أن القطاع الخاص السعودي قام بتجديد قرض استثماري جديد للسنغال تمثل في مساهمة شركة «المملكة» في تملك 12% من شركة الاتصالات «سوناتل» السنغالية، وشراء فندق ميريديان داكار، وفي عام 2014 دعت المنظمة الفرانكفونية الرياض لحضور اجتماع المنظمة في داكار، وترأس الوفد السعودي سمو الأمير الوليد بن طلال لكونه أحد أهم المساهمين في مجال الاستثمارات والعقارات وأكبر المانحين والداعمين لقطاع الصحة والتعليم في أفريقيا، وساهمت الرياض في دعم مؤسسات ومراكز التعليم الإسلامي، وفتح مراكز خاصة لتعليم اللغة العربية في بلد نسبة المسلمين فيه هي الطاغية ، كما دعمت المملكة برنامج «أوكسفام» في السنغال لتحسين فرص دخول العمل، وفي فبراير 2016 وافقت الرياض على تمويل السنغال بتنفيذ مشروعها الإستراتيجي في قطاع البنية التحتية، وهو عبارة عن سكة حديدية للقطارات السريعة يربط بين العاصمة داكار ومطار بليز ديان الدولي الجديد، كما ساعدت المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص (عضو مجموعة البنك الإسلامي للتنمية في جدة) جمهورية السنغال في إصدار صكوك سيادية في السوق الإقليمي للاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا، خاصة أن الصكوك السنغالية تعتبر أول صكوك سيادية صادرة من قارة أفريقيا وهذا ما مهد الطريق لدول غرب ووسط أفريقيا من اعتبار الصكوك أداة بديلة للتمويل، وتطمح «نيجيريا» اليوم أن تصبح مركزا أفريقيا للتمويل الإسلامي، وتهدف المملكة العربية السعودية إلى دعم انتشار الصيرفة الإسلامية في أفريقيا، والتي لاقت نجاحاً كبيراً في العديد من العواصم الأفريقية «داكار»، «نيامي»، و«أبيدجان» التي نجحت مؤخرا في إصدار أكبر عملية للصكوك السيادية في غرب أفريقيا ، كما وافق البنك الإسلامي للتنمية بتاريخ 29 ـ 9 ـ 2016 على تمويل مشروعين لصالح السنغال، ويهدف البنك الإسلامي للتنمية إلى زيادة أنشطته في أفريقيا لتعزيز جاذبية التمويل الإسلامي في تلك المنطقة التي يقطنها أكثر من 70% من المسلمين، كما يهدف على تشجيع الصادرات، ودعم المشروعات التنموية، وخلق فرص عمل
وعندما نتجة إلى دول الجنوب الأفريقي ونأخذ مثال (جمهورية موزمبيق ) مثلاً نرى أن الرياض نجحت في نسج علاقات متميزة فلقد وقعت موزمبيق مع شركة أكواباورعقد إمتياز لمدة 25 عاماً لتطوير مشروع لتوليد الطاقة من الفحم بقدرة 300 ميجاوات ويعد هذا أول مشروع واسع النطاق لتوليد الكهرباء في موزمبيق كما أنه مشروع ذو قيمة إقتصادية وإجتماعية كبيره فهو سيوفر فرص عمل في برامج التنمية الشاملة وسيعزز مكانة أكوباور كمطور طاقة سريع التوسع في جنوب القارة الإفريقية، وتتعاون الرياض مع مابوتو في نقل المواد الهيدروكربونية حيث تستفيد موزمبيق من خبرة المملكة في هذا المجال، كما يتعاون الطرفان في إستضافة التدريب على الأمن البحري مثل الذي إقيم في المملكة عام 2016
أما في منظقة القرن الأفريقي وبعد إنضمام الرياض لمنظمة التجارة العالمية في 2005 أصبح الإقتصاد السعودي أكثر إندماجاً في الإقتصاد العالمي، وتعتبر أثيوبيا من أهم الدول التي تنصح الرياض مواطنيها بالإستثمار فيها لكونها سوق أفريقي يشهد نمواً مُتزايداً، ففي مايو 2016 تم توقيع إتفاقية تجارية بين أثيوبيا والسعودية لتوسيع قاعدة التعاون والإستثمار وداعمةً لإتفاقية تجنب الإزدواج الضريبي والهادفة إلى حماية الإستثمارات لكلا الطرفين، كما وقع الطرفان على تشكيل مجموعة لجان مثل: لجنة التعاون الخارجي والأمني، لجنة التعاون العلمي والثقافي، واللجنة الإقتصادية، وقدم الصندوق السعودي للتنمية تمويلات لدعم التنمية في الأقاليم الأثيوبية النائية، وتشير وزارة التجارة الأثيوبية أنه حصل أكثر من 305 مستثمر سعودي على رخص إستثمارية أثيوبية في جميع المجالات، عزز ذلك عدد الشركات السعودية المُسجلة والذي تجاوز69 شركة سعودية، وأكد تقرير”دليل الإستثمارفي أثيوبيا” الصادر من الحكومة الأثيوبية أن اللجنة السعودية الأثيوبية المُشتركة إتفقت منذ ديسمبر 2016 على إنشاء شبكة للتعاون في الطاقة، أما في دولة جيبوتي فلقد اتفقت الرياض وجيبوتي على انطلاق المنتدى الاقتصادي السعودي- الجيبوتي في مارس 2017، ووقع الطرفان اتفاقية التعاون الأمني المشترك في أبريل 2016 ترعاها لجنة عسكرية سعوديةـ جيبوتية مشتركة خاصة بالتنسيق العسكري بين البلدين خاصة أن الرياض تدعم الرقابة والتفتيش التي تقوم به قوات خفر الحدود والسواحل الجيبوتية، وتأتي تلك الخطوات بعد الإعلان عن تشكيل لجنة عسكرية خاصة بتدشين القاعدة السعودية البحرية في جيبوتي، أما في الصومال فقد وقعت الرياض في مارس 2016 مذكرة تفاهم بين سلطتي الطيران المدني في الرياض ومقديشو على أن يكون التشغيل بين الدولتين، كما قدم الصندوق السعودي للتنمية دعما مادياً للموازنة الصومالية، وساهمت الرياض في ارتفاع الصادرات الصومالية في أعقاب خطوة لرفع حظر دام تسع سنوات على استيراد الماشية من الصومال خاصة ان الثروة الحيوانية تعتبر الدعامة الأساسية للإقتصاد الصومالي، وبعد تسرب تقرير منظمة “أبحاث التسلح في النزاعات» الذي أكد على أن هناك عمليات سرية تشرف عليها طهران مهمتها نقل الأسلحة إلى الحوثيين عن طريق الصومال أعلنت مقديشو تعاونها الكامل مع قوات التحالف للتصدي لتلك العمليات مما عزز التعاون الأمني الصومالي- الخليجي، أما العلاقات الإريترية ـ السعودية فتعززت بعد الإتفاق الأمني التي أبرمته الرياض مع أسمرة عام 2015 لمحاربة الإرهاب والقرصنة في البحر الأحمر بعد ظهور ما يسمى بالحرس الثوري “الأفريقي» التابع للحرس الثوري الإيراني الداعم لميليشيات الحوثي، كما وافقت دول الخليج مجتمعة على تقديم حزمة من المساعدات المالية وتعهدت بتحديث مطار أسمرة الدولي، وإنشاء بنية تحتية جديدة، وزيادة إمدادات الوقود إلى إريتريا.
نتمنى للعلاقات السعودية الإفريقية مزيدا من التقدم