مقال: اختلال العقول.. باحتلال القصاصين الساحة والشاشة !”
كتب: سرنج جاه
جرت العادة في السنوات الأخيرة على تنظيم حلقات رمضانية في شهر رمضان شهر الخير من قبل القنوات الإعلامية المرئية المحلية ، حلقات حظيت بكميات هائلة من المتابعين ونالت إعجاب الجماهير ، وكسرت أرقاما قياسية من المشاهدة والإعحاب، عبر التلفاز مباشرة ، أوعبر البث المباشر على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.
ما حقيقة تلك الحلقات ومن يديرها؟ وما الغرض منها ؟ وما مدى تأثيرها في المجتمع وتوافقه ؟
إنها برامج رمضانية ليلية، تقيمها قنوات مرئية، بتنشيط مقدمين كانوا معروفين بتقديم البرامج الغنائية الموسيقية الليلية، تستضيف قصاصين متفننين في فبركة قصص وكرامات وأمجاد، ومن ثم نسبتها إلى الطرق الصوفية وإلى زعمائها .
الذين كرسوا حياتهم في خدمة الإسلام والمسلمين وإعلاء كلمة الله العليا، -رجال صدقو ما عاهدوا الله عليه- وخلفوا لنا تراثا ثريا ، يمكن الاعتماد عليه كنظام ومنهج حياة ، إلا أن القنوات آثرت القصاصين الانتهازيين الذين يخوضون في غمارة الكرامات التي تثير عواطف المتطرقين المتطرفين، وتخدر العقول والقلوب لكسب دارهم معدودات ؛ لكسر أرقام قياسية من المشاهدة والإعجاب ، على الأصوات الحق المرشدة الهادية إلى الصراط المستقيم، صراط الأجداد والآباء الذين اتخذوا كتاب الله وسنة نبيه منهجا مرشدا وهاديا إلى السبيل السوي، وعضوا عليهما بالنواجذ!
والهدف من تلك البرامج -التي أشبه بالكلاسيكو الرياضي، إلا أن للكلاسيكو لاعبين يتمتعون بروح الرياضة – روح تتميز بالسماحة والتجاوز واحترام الآخر – هو خلق مسلم متطرق متطرف منغلق، لا يقبل للآخر خصالا ولا فضيلة ولا يعترف به ، تشغله طريقته عن أمته وعن قضاياها المصيرية المركزية.
خرافي متعصب متجرد عن دينه بحيث لا يبقى له سوى الانفعال لقصص القصاصين الانتهازيين ، ويعبد الأصنام !
وقد وجد القصاصون المرتزقة الساحة أرضا خصبة لزرع بذور التطرف الطائفي المتطرف الذي لا يرى في التنوع غناء وثراء نتيجة فراغ ديني يعانيه أغلبية المجتمع ، فراغ ديني يبحث صاحبه عما يسده .
وذلك لغياب الأصوات المرشدة المنيرة عن الساحة والشاشة .
ومن ثم نمت البذور وأتت زرعا يأكله المتطرف ، ويمده طاقة من الحقد والكراهية ،و تشعل القنوات صدره نارا ، وتأججها وسائل التواصل الاجتماعي، وتجعله يرفض الآخر، ويتصرف تصرفات تهدد التكافؤ الاجتماعي وتوافقه ، واتزانه ، وتجر المتجمع إلى صراع طائفي لا أحد يعرف عقباه !
آن الأوان لوضع حد لهذه الخزعبلات والخرافات التي تفسد العباد والبلاد، وتضل العقول والقلوب ، وتختل المجتمع وتوافقه ، وتجره إلى مالا يحمد عقباه
ما شاء الله إنه مقال رائع