Articles

مقال: إن للبيت ربا يحميه

د. عبد اللطيف طلحة

ما قالها جد المصطفى صل الله عليه وسلم ( للبيت رب يحميه ) عندما جهز أبرهة جيشاً كبيرا لهدم الكعبة عز المسلمين وشرفهم إلا بعد أن عجزت يداه ، لم يكن لدي جدنا جيشا جراراً كما تمتلك الدول العربية والإسلامية الآن ليواجه به ذلك المعتدي الأثيم .
مر 21/8 /2020 م الذكرى الواحد والخمسون لحريق المسجد الأقصى بالقدس ، مر على الأمة مرور الكرام وكأن المسجد الأقصى زاوية في إحدى القرى ، أو كأنه منزل عائلي ، العرب الذين يمتلكون أكثر من قمر صناعي ، ومئات القنوات الفضائية لم يذكروا المناسبة ولو من باب ذر الرماد في العيون.
في مثل هذا الأيام من عام 1969م قام الإرهابي اليهودي الأسترالي (دينيس مايكل) وبدعم من العصابات الصهيونية المغتصبة للقدس بإحراق المسجد الأقصى المبارك , في جريمة تعتبر من أكثر الجرائم إيلاما بحق الأمة وبحق مقدساتها.
المجرم الأسترالي (مايكل دينيس روهان) قام بإشعال النيران في المسجد الأقصى، فأتت ألسنة اللهب المتصاعدة على أثاث المسجد المبارك وجدرانه ومنبر صلاح الدين الأيوبي، ذلك المنبر التاريخي الذي أعده القائد صلاح الدين لإلقاء خطبه من فوقه بعد انتصاره وتحريره لبيت المقدس، كما أتت النيران الملتهبة في ذلك الوقت على مسجد عمر بن الخطاب، ومحراب زكريا، ومقام الأربعين، وثلاثة أروقة ممتدة من الجنوب شمالًا داخل المسجد الأقصى.
بلغت المساحة المحترقة من المسجد الأقصى أكثر من ثلث مساحته الإجمالية، حيث احترق ما يزيد عن الف وخمسمائة متر مربع من المساحة الأصلية البالغة 4400 متر مربع، وأحدثت النيران ضررًا كبيرًا في بناء المسجد وأعمدته وأقواسه وزخرفته القديمة، وسقط سقف المسجد على الأرض نتيجة الاحتراق، وسقط عمودان رئيسان مع القوس الحامل للقبة، كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب والجدران الجنوبية، وتحطم 48 شباكًا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبس والزجاج الملون، واحترق السجاد وكثير من الزخارف والآيات القرآنية.
في يوم إحراق المسجد قطع الإسرائيليون في بلدية القدس الماء عن المسجد الأقصى المبارك لكي لا يستعمله المواطنون في إطفاء الحريق، كما أن سيارات الإطفاء الإسرائيلية من بلدية القدس حضرت متأخرة بعد أن أطفأ الأهالي المقدسيون جميع النيران، ولم تفعل شيئا، بل جاءت لكي تصورها وكالات التلفزيون والصحافة العالمية لإيهامهم أنها أدت واجبها، وقد ساعد في إطفاء النار سيارات الإطفاء العربية التي وصلت من الخليل ورام الله.
جريمة إحراق المسجد الأقصى خطوة يهودية فعلية في طريق محاولة بناء الهيكل اليهودي المزعوم مكان المسجد الأقصى، وكانت الكارثة الحقيقية والصدمة التي أعقبت هذا الاعتداء الآثم أن قامت محاكم الكيان الصهيوني بتبرئة ساحة المجرم الأسترالي بحجة أنه (مجنون)!! ثم أطلقت سراحه دون أن ينال أي عقوبة أو حتى إدانة!!
وعلى الرغم من أن الدلائل وآثار الحريق كانت تشير إلى تورط مجموعة كاملة في الجريمة، وأن هناك شركاء آخرين مع اليهودي المذكور، إلا إن قوات الأمن الصهيونية لم تجر تحقيقًا في الحادث، ولم تحمل احدًا مسؤولية ما حدث، وأغلقت ملف القضية بعد أن اكتفت باعتبار الفاعل مجنونًا.
لم يكتف اليهود بإحراق المسجد الأقصى قبل خمسين عامًا، كما لم تكن جريمة الإحراق حدثًا عابرًا، بل كانت خطوة على طريق طويل يسيرون فيه.
وللأسف تمر هذه الذكرى مرور الكرام على الكثير من وسائل الإعلام، فمنهم من يتجاوزها، ومنهم من يذكرها على استحياء، ومنهم من يتعامل معها كعنصر تاريخي وإعلام وثائقي وقليل من يتعامل معها كواقع وظلم واعتداء على دور عبادة حرمتها الأديان، وقد آن الأوان لإبراز هذه المناسبة عالميًا بمعارض ومتاحف وإصدارات إعلامية ليعرف العالم حقيقة ذلك الوجود المصطنع (إسرائيل) وظلمه وجوره.
جريمة حريق المسجد الاقصى مرت دون حساب كما مرت وتمر عشرات المجازر ، من كان يظن أن الأقصى هو مجرد مسجد فهو بلا واهم ، المسجد الأقصى له نفس قداسة وحرمة المسجدين الحرام والنبوي ، ومن كان يظن أن هذا الكيان الغاصب المجرم الملوث بالدماء قاتل الأطفال والنساء يمكن أن يمد يده بالسلام فهو ليس بعاقل ، من كان يظن أن لدينا قنوات تدافع على ثوابتنا إنما هو يعيش في غيبات الجب ، للأقصى رب يحميه

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى