مقال : إصلاح اللسان ..وتذليله لحسن النطق والكلام
د. محمد موسى كمارا
ممّا يُعين على إصلاح اللّسان، وتذليله لحسن النّطق والكلام؛ أن تعمد إلى كتابٍ من كتب أهل البيان والأدب، فتقرأ منه جزءًا كلّ يومٍ، جاهرًا به صوتك، حريصًا بذلك على تجويد أدائك، وما أحسب كثيرًا من النّاس يستغني عن هذه الدُّربة في أيّامنا الحاضرة؛ فقد طغت العامّيّة على ألسنة السّاكنين في البلاد العربيّة، وفشتْ وذاعتْ في أكثر مراكزها العلميَّة، ولم يعدْ يسلم منها إلَّا قليلٌ.
أمّا في بلاد العجم، فقلّ من يجد بين ظهرانيْه من يمارس معه العربيّة آناء اللّيل وأطراف النّهار، فلم تبق طريقةٌ أحسنُ من هذه الطّريقة بعد الإكثار من الاستماع إلى أهل الفصاحة في الحديث، والبلاغة في التّعبير، والجزالة في الإبانة، وقد كان هذا النَّهج في القديم معروفًا، وعند أهل اللُّغة معتمَدًا؛ إذ ورد في ديوان المعاني لأبي هلال العسكريّ: “أخبرني بعض أصحابنا، قال: ناطقتُ فتًى من بعض أهل القرى، فوجدته ذليق اللّسان، فقلت له: من أين لك هذه الذَّلاقة؟ قال: كنت أعمدُ كلَّ يومٍ إلى خمسين ورقةً من كتب الجاحظ، فأقرؤها برفع صوتٍ، فلم أجْرِ على ذلك مدّةً حتَّى صرتُ إلى ما ترى”.
يُستحسن لمن أراد سلوك هذه الطّريقة أن يختار من كتب القدماء؛ فهي أعرقُ في البلاغة، وألصق بالبيان، وأدخل في الأصالة، وأخلى من الخطأ، وأعون على إقامة اللّسان، والله المستعان.
كاتب وباحث من غينيا