“ما بعد الجريمة إِلّا الهروب..” الروائي السنغالي أبو بكر إبراهيم انجاي
(الحلقة الأولى )
بقلم الشاعر عبد الأحد الكجوري
انطلاقا من العنوان الرّائع الـمُوحي الـمُنْزاح، الذي يجعل القارئ في تساؤلات عديدة حول الهروب وطبيعته، والذي هو بـِحدِّ ذاته ملحمة إنسانية مثيرة، فكم من أشياء نهرب منها!!؟؟
ثمّ يتساءل القارئ كانطباع أوّلٍ: لماذا “الهاربات” بدل “الهاربون”؟؟
ثمّ يقول: لعله إيحاء إلى أنّ هروب الهاربين مفروغ منه، لكن من يدري..؟!، كما تنهال عليه كومة أخرى من الأسئلة…
“مِن الجنّة..”
يا الله!!
ما أروع هذه الـ”مِنْ” التي تجعلك حائرا، وتُخرجك من النظرة النمَطيَّة للجنّة، إذْ كان الهروب إليها لا منها..
فيا تُرى ما هذه الجنّة التي يهربْن منها؟!
لكن ما إِنْ يبدأ القارئ في الصفحات الأولى من الرِّواية، وينتظر أن تنحلّ العُقَد واحدةً تلو الأخرى، وهيهات هيهات أن يكون ذلك سهلا كما يظنُّ..
فالروائي الجميل جعلنا في حيْرةٍ من أمرِنا حيث بدأ بـ” ممد فالْ” ذلك الشاب الذي كان ينتظر الوظيفة وهو فوق سريره، بعد أن حصل على شهادات أكاديمية عالية، وَأُمّه الحريصة على النهوض به..
والأروع في ذلك كيفية طرح القضايا الوطنية الحسّاسة، كحقوق المواطنين، والإهمال المتعمّد لها، والتسليم الإجباري للفساد في كل القطاعات الحكومية منها، والأهلية، وفِي شتّى المجالات..
في حين تلمح بارقةٌ للقارئ أو وخزة أنثوية لطيفة، تفيقه من سكرته، وتعيده إلى السكّة، ليسمع نبرة اللواتي يكدحن ويقاومن من أجل البقاء والحياة المحترمة.
فهذه “فامَ” -اسمٌ سنغالي أصيل- وأخواتها يمثّلن نموذجا حيًّا للمرأة السنغالية القويّة، تلك التي تضحّي وتقاوم، وتؤمن بأنّ “اليديْن اللتيْن تربطان السروال نفسهما تربطان الإزار..”
وكذلك “أمّ ممد”، و”أمّ فام” تقومان بدور الشحنة الكهربائية التي تكون خلف الأبناء تشحذ الهمم، وتقوم بالتعويذات والدَّعوات اللازمة للوصول بهم إلى القِمم، فما أحرصهنّ من أمّهات..!!
وتتعاقب الإبداعات في هذه الرواية، وتتلاحق أحداثُها في سردٍ شيّق جدا يجذب القارئ إلى مواصلة القراءة، وارتشاف المزيد من ضَرَب هذه القصّة التي تحتضن الجمال، ودقيق الملاحظات في احتياجات الشعب، والمرارة التي تلجِئُهم إلى التفاني بل إلى التهوُّر أحيانا.
ومن التهوُّر تعليق الآمال على السحرة والمشعوذين الذين مَقَتَهم الإسلام، وقد أصبح ذلك ظاهرة واقعة في مجتمعاتنا الأفريقية للأسف..
كما لفتتْ انتباهي النفحةُ الرومانسية التي تخلَّلت القصة بين “عمر” و”فامَ” -بطلتنا-، وإخلاص كلٍّ للآخر، مع قليل من الشجارات اللذيذة، وكذلك تطلّعهم إلى مستقبل حبّهم..
الصور الخيالية تختلف عن الواقع الملموس..
وتتجلّى هذه الحقيقة عندما انهمرت “فامَ” بدموع حارّة، وحكتْ قصّة مأساتها لحبيبها “عمر” بعد أن أخْفتْها عن أمّها، ليدرك القارئ العزيز أنّ الحب ثقة واهتمام.
“عمر” ذلك الشّاب الذي يضحّي بحياته لأجل حبيبته، لكن لم تكن باليد حيلة، ومع ذلك استعمل كل السبل المتاحة لتخليص نصفه الآخر..
نغم لأن هذه لالكتروني مهم جدا جدا لكن ان نريد أن ننكلمل دراسه.
نغم لأن هذه لالكتروني مهم جدا جدا جدا لكن ان نريد نكمل دراسه.