actualite

مالي والتطوّرات الأخيرة: الصين وروسيا تنقذان مالي من العقوبات، ودولٌ أفريقية تصوّت بجانب فرنسا🇫🇷

إدريس آيات

أمس قدمت فرنسا، في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، نصًا يهدف إلى تأمين موقف موحد بشأن السلطات الانتقالية الحاكمة في مالي، لكن تم رفضه، باعتراضٍ روسي، باعتبار النصّ يسرد واقعًا يغاير حقائق الأرض الواقع في البلد الواقع في غرب أفريقيا.
وبجانب روسيا🇷🇺 عرقلت الصين🇨🇳 أيضًا المشروع الفرنسي، انطلاقًا من التحالف الجيوسياسي الذي يجمع البلدين، على رغم أنّ ” فيتو” واحدًا كان يفي بالغرض، ما يشير إلى أنّ الملف المالي دخل في حيّز المناورات السياسية بين القوى العظمى في حربها الباردة الجديدة.

المثير للاهتمام، والغثيان في آنٍ واحدٍ؛ أنّ ثلاثة من بين الدول الأفريقية “الأعضاء الغير الدائمين” من مجلس الأمن الدولي صوّتت داعمةً موقفي فرنسا وأمريكا، وهي: الغابون🇬🇦، كينيا🇰🇪، غانا🇬🇭.

يُلاحظ مما سبق الآتي:

  • أنّ فرنسا مصرّة على محاصرة مالي في إقليمها وعلى المستوى الدولي، وهذا لا علاقة له بمحاولة احتواء دولة لا تحترم مبادئ الديمقراطية، لكنّه توجّه امبريالي تسير على التقليد الكلاسيكي، وهو “أنّ الامبريالية ستعمل على تدمير كل شعب يحاول الخروج عن هيمنتها”، وإلا فما الغرض من وراء تطويق دولة تعيش حالة من الانهيار الأمني والاجتماعي والاقتصادي لقرابة عقدٍ من الزمان؟.
  • أنّ المراقبين والنشطاء الذين اقترحوا في السابق، التعاون مع دولٍ كتركيا أو باكستان – منطلقًا من العاطفة الدينية لأنّها مسلمة- قد يلاحظون في الأزمة الراهنة أنّ اعتراضنا كان في محلّه، فما كانت ستنفعنا تركيا أو باكستان في هذه الظروف الصعبة التي كانت مالي بحاجة إلى فيتو تنقذها من حصار مماثل لما عاشته إيران، فنزويلا أو كوريا الشمالية ؟! وهذا أوضح دليل على أنّ الجيوبوليتيك – كحال الدول- يجب أن يتجرد من كل إحساس وميولات عاطفية؛ لتكن على رأس القائمة، الدولة وأمنها القومي فحسب، وهو فوق جميع الاعتبارات، فالبقاء للأذكى والأدهى، وليس للأكثر ملائمًا أخلاقياً.
  • أنّ القيادات الأفريقية لا تتعلم أبدًا من أخطاء الماضي، على سبيل الخصوص “دولة الغابون” هذه الدولة التي تحاول التقرب من الدول الأنغلوفونية، باتت لا تفكّر إلا في إطار مصالح واشنطن. حيث كانت واحدة الثلاثة ( الغابون🇬🇦، نيجيريا🇳🇬، جنوب أفريقيا🇿🇦) التي صوتت ضد ليبيا🇱🇾 القذّافي، ما أعطت ضوءاً أخضر للناتو، بقيادة “فرنسا ساركوزي” للإطاحة بنظام الجماهيرية لمعمّر القذّافي، والتي من تبعاته الأزمة في جمهورية مالي الممتدة، لقرابة 11 عامًا.

وبعدما كشفت “ويكيليكس ” فضائح رسائل وزيرة الخارجية الاميركية ” هيلاري كلنتون” أنّ الحرب في ليبيا لم تكن أبدًا عن ” دَمرقطة” ليبيا، لكن محاولة من “فرنسا ساركوزي” للتغطية على ديونٍ أخذها، عطفًا على منع القائد القذّافي من بناء عملة أفريقية موّحدة مدعومة بالذهب، ومن مآلاتها لاحقًا؛ إنشاء الولايات المتحدة الأفريقية، كبعض الأسباب الحقيقية لمقتله، خرجت تصريحاتٍ من بعض تلك الدول الثلاثة تعلن ندمها على التصويت.

واليوم تبادر فرنسا عينها بنص قرار من شأنِه أن يحاصر مالي، وبالتالي عرقلة تنميتها المنشودة، راحت القيادات الأفريقية تصوّت أيضًا داعمين فرنسا، بل أعلن المندوب الكيني ” مارتن كيماني” ندمه على أنّ روسيا استخدمت حق الفيتو. كم مؤسف أنْ تحمي مالي دولة أجنبية، في حضرة شقيقاتها!.

يا رفاق ما نوع القيادة الأفريقية هذه التي لا تتعلم أبدًا من دروس الماضي، أريد أن أفهم، هل سلبت منهم ميزة ” التفكير العقلاني الرشيد”؟! وكأنّه محكوم عليهم أنْ يعيشوا المآسي نفسها مرارًا دون أن يستخلصوا العبر لحماية قارتنا.ا!

إدريس آيات- العلوم السياسية- جامعة الكويت

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى