Culture

كورونا: “ديدييه راوول” سنغالي المولد.. مكتشف الدواء المثير للجدل؟

برزت شخصية البروفسور ديدييه راوول إعلاميا بشكل واسع مع تفشي فيروس كورونا، وأثارت الجدل داخل الرأي العام الفرنسي والعالمي. يعتبره البعض من أهم الباحثين في فرنسا ومرجعا عالميا في مجال الأمراض المعدية، لكن آخرين يشككون في منهجيته العلمية. أما هو فيجزم أنه اكتشف اليوم دواء لوباء كورونا يستند على مادة الكلوروكين ويطالب بوصفه للمرضى وسط رفض رسمي لذلك. لكن يذكر أن وزير الصحة الفرنسية بآخر تصريحاته سمح باستخدامه للحالات الحرجة جدا فقط بناء على رأي الهيئة العليا للصحة. فمن هو البروفسور ديدييه راوول الشخصية الجدلية في فرنسا والعالم؟
يصطف العديد من الناس أمام معهد المستشفى – الجامعي للأمراض المعدية في مرسيليا (جنوب فرنسا)، ليجروا الفحوصات للكشف عن فيروس كورونا من قبل فريق البروفسور ديدييه راوول، الذي يطرح عليهم علاجا يستند بشكل أساسي على مادة “الكلوروكين”.

ففي هذا المعهد في مرسيليا، قام فريق البروفسور راوول بتجربة على 24 شخصا مصابين بفيروس كورونا مستخدما علاج الكلوروكين. وقد أتت النتائج إيجابية حيث شفي 75% من المشاركين بهذه التجربة تماما بعد 6 أيام من خضوعهم للعلاج. لكن وزارة الصحة الفرنسية اعتبرت أن التجربة صغيرة، ولا يمكن الاعتماد عليها للبدء بوصف العلاج. فيما أشارت الهيئة العليا للصحة إلى أن استخدام الكلوروكين لعلاج الكورونا لا يزال غير مسموح به حتى الساعة إلا لعلاج الحالات الحرجة فقط. كما أن منظمة الصحة العالمية لم تبد حماسا كبيرا لاستخدام الكلوروكين، محذرة من آثاره الجانبية السلبية.

فمن هو هذا البروفسور الذي شغل الرأي العام المتعطش لإيجاد علاج ناجع ضد فيروس كورونا، وكيف تعاطت معه وسائل الإعلام؟

“شخصية جدلية”

قبل بضعة أسابيع، لم يكن الرأي العام يعرف من هو ديدييه راوول. لكن تجربته التي ذكرناها سابقا، سلطت الضوء عليه إعلاميا.

في لمحة سريعة على وسائل الإعلام الفرنسية، نرى أن العديد من الصحف شبهته بشخصية “بانوراميكس” الكاهن الغالي في قصة “أستيريكس”، بشعره الأبيض الطويل وثوبه الأبيض. (Le druide gaulois dans Asterix).

فقد حازت هذه الشخصية الجدلية على حيز مهم من اهتمام الإعلام الفرنسي بعد نشره للدراسة حول معالجة فيروس كورونا من خلال الاعتماد على مادة الكلوروكين.
ينظر إليه اليوم على أنه مغرد خارج السرب. بالإضافة إلى إصراره على بدء اعتماد الكلوروكين كعلاج ضد فيروس الكورونا رغم التحذيرات الكثيرة من استخدامه. وأعلن راوول امتناعه عن المشاركة في المجلس العلمي الذي يقدم المشورة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمكافحة الفيروس.
فقد وجه البروفسور انتقادات كثيرة على الطريقة الحكومية المتبعة في مواجهة الوباء، معتبرا أن الحجر الصحي هو من الوسائل التي كانت تعتمد في العصور الوسطى. وعوض عن ذلك، يشدد راوول على ضرورة إجراء فحوصات مكثفة على الأراضي الفرنسية لاكتشاف الحالة المرضية ليتم عزلها ومعالجتها، مستندا على التجربة الكورية الجنوبية.
لكن منتقديه شككوا بالمنهجية العلمية التي يعتمدها راوول، مشيرين إلى أن تجربة أقيمت على 24 مريضا فقط، وبالتالي فهي غير كافية لاستخلاص نتائج علمية ثابتة. كما تم اتهامه بالسعي للحصول على شهرة إعلامية، قائلين إن التجارب العلمية لا تنشر في الصحف والأسبوعيات، بل في مجالات علمية مخصصة بعد اتباع المسار العلمي المخصص قبل النشر.

“تلميذ سيء”
وولد ديدييه راوول في مدينة داكار في السنغال، في 13 آذار/مارس 1952، لأب طبيب في الجيش الفرنسي وأم ممرضة. وصف نفسه في مقابلة مع جريدة “لوموند” بأنه “تلميذ سيء” مما دفعه لترك المدرسة في عمر 17 عاما، ليعمل لمدة عامين على السفن التجارية في مرسيليا حيث استقرت عائلته عام 1961.
لكن راوول عاد واجتاز شهادة “البكالوريا الأدبية” من خلال تقديم طلب حر. وبالرغم من عدم حماسه للمجال العلمي في البداية، إلا أنه تقدم للدخول إلى كلية الطب، لأن والده رفض تمويل دراسته في أي اختصاص آخر. وبالفعل، تمكن “الطالب السيء” من التخرج من الكلية حائزا على شهادة دكتوراه.
“جائزة معهد “إنسيرم” الكبرى عام 2010″
تطول لائحة إنجازات ديدييه راوول في المجال العلمي، مما مكنه من نيل جائزة “إنسيرم” الكبرى، التي تعطى لأشخاص حققوا نجاحات لافتة في مجال البحوث الفرنسية في مجال الصحة. فقد تركزت أبحاثه بداية على نوع من البكتيريا يسمى الـ”ريكتيسيا”، وأسس عام 1983 فريقا مخصصا لدراسة هذه البكتيريا. والجدير بالذكر أن هذه البكتيريا تسبب مرض التيفوس.

من جهة أخرى، قام راوول “بفك شفرة” الخريطة الجينية للبكتيريا التي تسبب داء “ويبل”. وأطلق على البكتيرياتين: “راوولتيلا بلانتيكولا” و”ريكتيسيا راوولتي” نسبة إلى اسمه روول. (Raoultella planticola , Rickettsia raoultii ).

لراوول أيضا إنجازات نوعية في مجال الفيروسات، فقد تمكن فريقه من نشر عدد كبير من الدراسات حول أنواع جديدة من الفيروسات التي كانت مجهولة سابقا.
وفي العام 2018، استفاد البروفسور من المنح الحكومية المخصصة للأبحاث العلمية لبناء معهد المستشفى – الجامعي للأمراض المعدية في مرسيليا، الذي يترأسه اليوم، حيث يقوم بتجاربه على مرضى الكورونا. وكان قد ترأس سابقا عددا من الفرق العلمية المختصة بالأمراض المعدية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى