Articles

عن الناس في مواقع التواصل الإجتماعي

الحاج مود ساخو

مهما كان الرّجل كبيرا عندك، عظيما في نفسك، مُحترما بنظرك، سترى على وسائل التّواصل الاجتماعي من ينتقص منه، ويطعن فيه، ويعدُّه أستاذ الشّيطان الرّجيم ومُعلِّمه الأكبر، في الخبث والإفساد والعبث بالأهواء والنّفوس والرّغبات …

مهما كان الرّجل عالما في فنّه، نابغا في مجاله، بارزا في تخصُّصه، سيصدمُك الفيسبوك بمقطع أو مقال، يُسفّه هذا العالم ويشكّك فيه، ويعتبره دعيًّا صدّره فسادُ الزّمان وخلوّ العصر من العلماء المحقّقين …

مهما بدا أحدُهم مُخلصا ورِعا خلوقا مُتميّزا، سيُفاجئُك هذا العالَم الغريب الأطوار المُتضارب الأنظار، فيُفتّش عن طويّته ودخيلة أمره، ثمّ يشيع فيه كلاما أقبحَ من مقالة المتنبّي على كافور الإخشيدي، ثمّ يُجرّده من كل فضل يُذكر، ومن أيّ خلق يُحمد …

مهما كان الشّاعرُ أو الأديبُ أو الكاتبُ عميقَ النظر، رائق الأسلوب، واسع الخيال، حسن الاختيار، ماهرا في الأداء والتّصوير وتهييج الأذواق والأشواق، سينفلتُ أحدُهم من سِردابه ليصيح بأعلى صوته = قِفوا هذا المتبجّح بما لم يُعط، وكسٌرُوا يَراعه على رأسه الغبيّ، حتّى لا يفسد علينا أدبنا وشعرنا، ويعتدي على شرف القلم وعلى عقول المتأدّبين !

مهما كان الإنسان تافه السّلوك، خبيث المخبر، مُجاهرا بالفحش والفجور والخنا، ستُلاقي هنا ( على مواقع التواصل) من يُجادل عنه، ويَحمي ظهره، ويفتتنُ به، ويشنّ دون عِرضه حرب البسوس…

مهما بدا الرّأي عليلًا مختلًّا مُتهافتا، ثمّة في وسائل التّواصل الاجتماعي جمهورٌ يتمذهبُ به، ويراه الحقّ الذي لا ريب فيه، ويبذل في الحِجاج عنه ماله ووقته وجهده …

مهما كانت الحقيقةُ واضحة الملامح جليّة الأمارات ملموسة الدّلائل، فإنّك بجولةٍ صغيرة داخل هذه القرية الصغيرة (مواقع التواصل) تجد من يُنكرها ويركلها ويعمى دون رؤيتها، أو على الأقل يتعامى عن الخضوع لها والاقتناع بها بأية وسيلة !

عليك أن تعتاد هذا يا صاحبي، حتّى لا يقتلك الانفعال، صحيح أن استخدام هذه الوسائل أصبح جزءا من حياتنا، لكنّنا لسنا على رُوّادها بمُسيطرين. المُهمّ أن تحرص على صداقة ومُتابعة تلك الصّفحات الجادّة، التي تُجاري ما تنشر أحيانا، وُتعاكسُها تارة، ولكن في هذه أو تلك لا تخلو من فائدة تخرج بها. ثُمّ خُذها منّي : اكتبْ وانشرْ وتفاعلْ مع ما يُعجبك ويفيدك، ثمّ توكّل على اللّه. !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى