صوم رمضان ومقصد توحيد الأمة..
د. نجوغو امباكي صمب
إن من مقومات وحدة الأمة الإسلامية اجتماعهم على أداء الشعائر وعدم التفرق فيها بأي حال من الأحوال، قال تعالى {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [سورة الشورى: 13]قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: ” ومن أنواع الاجتماع على الدين وعدم التفرق فيه، ما أمر به الشارع من الاجتماعات العامة، كاجتماع الحج والأعياد، والجمع والصلوات الخمس والجهاد، وغير ذلك من العبادات التي لا تتم ولا تكمل إلا بالاجتماع لها وعدم التفرق”، وقوله {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ}: وهو الإِيمان بما يجب تصديقه والطاعة في أحكام الله {وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}: ولا تختلفوا في هذا الأصل، أما فروع الشرائع فمختلفة”.
ويتحقق هذا المقصد العظيم في أجلى صوره في مشروعية صوم شهر رمضان ويتعلق به من رؤية هلال رمضان وشوال، وعيد الفطر، حيث ندب الشارع الحكيم أمة الإسلام إلى الصوم معا والفطر معا والاحتفال بعيد الفطر معا، لما يترتب على ذلك من مصالح دينية ودنيوية عظيمة وجليلة، منها وحدة المسلمين وتأليف قلوبهم، وكمال فرحتهم في العيد، والبعد عن الخلاف المذموم والتعصب الممقوت بسبب الاختلاف في المسائل الفرعية…
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمي عليكم فأكملوا العدد”.
وعنه رضي الله عنه أيضا، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون، قال الترمذي رحمه الله: “هذا حديث حسن غريب، وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث، فقال: إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة وعظم الناس”.
قال الصنعاني رحمه الله “فيه دليل على أنه يعتبر في ثبوت العيد الموافقة للناس، وأن المنفرد بمعرفة يوم العيد بالرؤية يجب عليه موافقة غيره ويلزمه حكمهم في الصلاة والإفطار والأضحية”.
قال الشوكاني رحمه الله: “قيل في معنى الحديث إنه إخبار بأن الناس يتحزبون أحزابا ويخالفون الهدي النبوي فطائفة تعمل بالحساب، وعليه أمة من الناس، وطائفة يقدمون الصوم والوقوف بعرفة، وجعلوا ذلك شعارا وهم الباطنية، وبقي على الهدي النبوي الفرقة التي لا تزال ظاهرة على الحق فهي المرادة بلفظ الناس في الحديث وهي السواد الأعظم”.
ومما يحزن كل مسلم غيور اختلاف المسلمين في بداية صوم شهر رمضان ونهايته وفي تحديد يوم العيد في كل سنة، رغم وفرة النصوص الشرعية التي تأمر بالصوم معا والفطر معا، فضلا عن عموم الأمر بالوحدة والنهي عن الفرقة، وكذلك ما وصلت البشرية إليه من تقدم علمي وتكنولوجي يمكن أن يسهل كل ما كان صعبا، ويقرب كل ما كان بعيدا، من أجل تحقيق الوحدة المنشودة في المسألة بالخصوص.
وعلى كل حال فإن الصوم معا والفطر معا ممكن، ولو كان غير ممكن لما أمر به الشارع الحكيم، لأن الله تعالى لا يكلف الله أمة إلا ما كانت قادرة عليه، فلو وجدت من علماء الأمة الإسلامية وقادتها الإرادة الصادقة والعزيمة الماضية لتوصلوا -بلا شك- إلى حلول ناجعة لعلاج مشكلة اختلاف المسلمين في مواقيت الشعائر والأعياد.
مدير مركز الحكمة للبحوث والدراسات- السنغال.
Wow, fantastic weblog structure! How long have you ever been running a blog for?
you make blogging look easy. The total look of your site is wonderful, as smartly as the content!
You can see similar here dobry sklep