Articles

“ريان” .. الانتصار والانكسار !

د. عبد اللطيف حسن طلحة

كم هي قاسية المائة وعشرون ساعة التي تألمت فيها ضمائرنا وأَلَمَ فيه الوجع قلوبنا ونحن نتابع بالدعاء محاولات إنقاذ الطفل المغربي ابن الخمس سنوات (ريان خالد أورام) والذى سقط في بئر بعمق 32 مترا بعد أن أمضى 5 أيام عالقاً، كنا نتنقل بين الفضائيات المحلية والدولية عسى أن نرى أو نسمع خبرا يفرحنا ، كنا نصلي وندعو الله تعالى أن يُفرج كرب ابننا ريان ،طلب الخيرون في بقاع العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي الدعاء والابتهال في الصلاة وقراءة القرآن وترديد الترانيم لعل وعسى أن ينفرج الكرب عن الذين لم يتذوقوا الطعام والنوم طوال هذه الفترة العصيبة ، خرج ريان بعد طول انتظار وانفرجت الأسارير وأطلقت الزغاريد بذلك الطفل الذي حبسه قاع الأرض وسار الجميع يهنئ بعضهم البعض من خلال المتاح من الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي ، لكن هيهات دقائق معدودة بعد هذه الفرحة العارمة ليخبرنا بيان صادر عن القصر الملكي المغربي بوفاة ريان لتحزن القلوب و وتسلم العيون للبكاء المرير ، ليس اعتراضا على قضاء الله تعالى انما للظروف المحيطة بهذا الملك الصغير الذي أجمع أهل الأرض على كلمة واحدة ، لا فرق بين أسمر وأبيض ، أو مسلم ومسيحي ، عربي وعجمي .
عرف عن الرسول صل الله عليه وسلم حبه لأنس بن مالك رضي الله عنه وكان عند أنس أخا له يسمى زايد، لكن الرسول كناه (أبا عمير) للمداعبة، وكان لهذا الطفل طائرا صغيرا يشبه العصفور، فقال له: يا أبا عمير ماذا فعل النغير والنغير هذا اسم الطائر؟ فتبسم الطفل الصغير، وبعد أيام وبينما كان الرسول الكريم، يمر أمام بيت أنس فسأله عن أحواله، وعن أخيه، فأجابه أنس أن عصفور أبي عمير قد مات، وأنه حزين جدًا لموت الطائر، فأقبل الرسول مسرعًا إلى الصبي الصغير، وأخذ يوسيه ويخفف حزنه، حتى رمى الطفل بنفسه في حضن النبي وهو يبكي ويقول: “لقد مات النغير .. لقد مات” وأخذ النبي يواسيه ويلاعبه، حتى نسى الطفل حزنه، وتبسم الصبي الصغير وفرح لكلام رسول الله. صل الله عليه وسلم
لا أظن أن الإنسانية ستختلف في مضمونها ، الإنسانية هي عقول وقلوب تتألم لبعضها البعض بغض النظر عن الزمان والمكان أو الدين واللغة ، الإنسانية هي الرحمة والمودة والتعاطف والتماسك ، الإنسانية أن نتألم لكل الأطفال الذين سكنوا العراء والتحفوا السماء، الذين جمدهم الثلوج وقتلهم الجوع والعطش ، الانسانية ألا نُشعل الحروب أو نستخدم المشردين قطع غيار للأغنياء ، الإنسانية لا تتجزأ ولا تباع أو تشترى يا سادة ،الإنسانية ليست بذة نلبسها وقتما نشاء وننزعها وقتا أخر ، لعل في قصة ريان الطفل عبر وعظات وبلاغا للإنسانية بوجوب أن نعدل المسار ، المواقف التي رأيناها وسمعناها من الشعوب وفيض مشاعرها تجعلنا نقول أن الدنيا ما زالت بخير

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى