ترجل موسيقار القافية ، شاعر الحب والجمال عبد الله درامي
د. فاضل غِي
منذ أن وصلني نعي الراحل العزيز أخي وصديقي ورفيق الدرب والأنيس في ميدان الأدب والثقافة ، الشاعر المالي الموطن والأفريقي الهوى عبد الله درامي ترتعش اليد وتعجز عن مسك القلم ، وتتوقف الكلمات .. فلا أدري من أين أبدأ مقالة لرثاء أمير البيان وفارس المهرجانات الشعرية والمنتديات الأدبية “درامي”
الحق أن الفقيد الغالي لم يكن شاعرا فحسب ،وإنما كان حامل الرسالة ،وكان همه أن يسترد أبناء القرآن الكريم وحملة الثقافة العربية الإسلامية مكانتهم في المجتمعات الأفريقية ، كان الراحل الكبير حريصا على التواصل مع رجال الثقافة والإبداع في العالم العربي ، عبد الله درامي لمن يعرفه عن قرب كان يعيش الهم الثقافي ، وكان يرى أن العربية لسان ،وكم صب جام غضبه في بعض الملتقيات التي حضرناها معا على كل من يحاول الانتقاص من شاعر أو أديب إفريقي من طرف بعض أعضاء الاتحادات والأندية العربية ، وكان يتحزب لي ويضم صوته إلى صوتي في بعض مداخلاتي التي أدافع فيها عن الأدب الافريقي المكتوب بالعربية وأستطيع القول بأن الشاعر عبد الله درامي على سلاسة أسلوبه وجمال صوره الشعرية ، كان شاعرًا ثائرا ،وكان القلق يرتسم على وجهه للواقع المضطرب الذي تعيشه قارتنا ودولنا الأفريقية ، وغياب العدالة الاجتماعية والزيف
الفقيد العزيز درامي كان ينفرد بميزة نادرة لدى الشعراء المعاصرين ، وهي حسن انتقائه لألفاظ قصائده وحسن استخدامه للأدوات المستجدة الحديثة في شعره ، فاقرأوا معي هذه المقدمة الشعرية التي حيّى بها بلد الشنقيط موريتانيا في إحدى مشاركاتنا في مهرجان بيت الشعر الشعري :
من أين جئت بهذا المبسم البدوي
شنقيط ضيفت هذا الملتقى السنوي
…..
من كل صوب لقد جاءوا ومن حدب
فيا له من عناق دافئ أخوي
……
أكثرت جرحاك حتى قال قائلهم
إن السلاح الذي استخدمته نووي
…..
شنقيط يا مدفن الأشواق جئت هنا
كي تسمعيني. فخلي الهاتف الخلوي.
ولاجدال في أن عبد الله درامي سيترك فراغا كبيرا في الأماسي الشعرية والمهرجانات ،لا سيما مهرجان الشعر العربي السنوي في بيت الشعر بنواكشوط. لكن موقع “رفي دكار ” الذي كان يحبه ويتابعه عن كثب والذي اتخذه منبرا لمقالاته السياسية الواعية سيحن إلى قلمه الناضج .
كانت له نية السفر إلى المملكة العربية السعودية لنقل صورة المواهب الشعرية الأفريقية الشابة والإبداعات الثقافية المتميزة في القارة السوداء ، وتواصل معي بهذا الخصوص وربطته ببعض الشخصيات الأدبية في المملكة ، وأعطيته أرقام كوكبة من رجالات الأدب في جدة والرياض ، لكن شاء الله جلت قدرته وما شاء فعل أن ينتقل البلبل الصداح عبد الله درامي قبل أن يحقق هذا الحلم
فوداعا أيها الشاعر الانسان يا من كثر ما أدخل السرور على قلوب عشاق الكلمة الجميلة وأطرب جمهوره بخفة روحه وملكته الإبداعية ، نم في البرزخ مكرّما منعّما فإنا لله وإنا إليه راجعون