بعد انتخابات غامبيا … مهام جسام تنتظر الرئيس المنتخب!*
بقلم/ باسيديا درامي
الآن وبعد أن انقشع الغبار وتلاشى في أعقاب الحكم التاريخي الذي أصدرته المحكمة العليا في غامبيا اليوم بإلغاء الالتماس الذي قدمه الحزب الديمقراطي المتحد المعارض (UDP) للطعن في فوز المرشح الرئاسي لحزب الشعب الوطني آدم بارو في الانتخابات الرئاسية في 4 ديسمبر، يتعين على كل مواطن غامبي أن يقف وقفة تأمل وتدبر لما مضى واستشراف المستقبل.
لقد صُدم الحزب الديمقراطي المتحد وذُهل من هامش الفوز الذي حققه الرئيس المنتخب بارو في الانتخابات نظرًا لثقته المفرطة في الفوز، مما دفعه إلى تقديم طعن قانوني في نتائج الانتخابات في أعلى محكمة في البلاد. كانت هذه الخطوة بمثابة بالون اختبار آخر لقضائنا وديمقراطيتنا معاً.
من خلال سجله الحافل على مدى السنوات الخمس الماضية، أثبت القضاء الغامبي في فترة ما بعد حقبة جامي، بما لا يدع مجالاً للشك، أنه نزيه وشفاف وذو مصداقية، حيث حكم في بعض الحالات ضد السلطة التنفيذية، كقضية ياكومبا الشهيرة.
يتعين على الحزب الديمقراطي المتحد وغيره من المرشحين الخاسرين تجاوز هذه المرحلة والاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة في أبريل القادم لأن وجود معارضة قوية مطلب أساسي لديمقراطية نابضة بالحياة، لأن نظام الحزب الواحد سيكون بمثابة انتكاسة مدمرة لمكاسب البلاد الديمقراطية.
ثمة مجموعة من الأولويات التي يجب على الرئيس المنتخب التركيز عليها في الوقت الذي يستعد فيه لتولي فترة ولاية ثانية، وبعد أن برأت ساحته السلطة القضائية، منها اتخاذ خطوات ملموسة نحو توحيد الشعب الغامبي المستقطب على أسس سياسية وقبلية. هناك حوالي 47٪ من سكان غامبيا ممن قرروا عدم التصويت لصالح الرئيس بارو، لكن قرارهم هذا لا يمكن أن يكون ذريعة لاستبعادهم وتهميشهم، فالرئيس المنتخب رئيس لجميع الغامبيين وليس للشريحة التي صوتت له فحسب. في هذا السياق، ينبغي لرئيس الجمهورية الدعوة إلى مؤتمر وحدة وطنية أو تشكيل حكومة تشمل كافة أطياف المجتمع ومشاربه كمنطلق نحو الوحدة الوطنية.
يجب على الرئيس المنتخب إظهار الجدية والحزم في مكافحة الفساد المستشري الذي ظل ينخر جسد بلادنا دون رادع. أصدر ديوان المحاسبة مؤخرًا تقريرًا يتضمن اختفاء 147 مليون دالس من أموال جائحة كورونا. من المفترض إجراء تحقيق شامل في مثل هذه الحوادث ومقاضاة مرتكبيها ومعاقبتهم لردع تكرارها. وللقضاء على الكسب غير المشروع، يجب إنشاء لجنة مكافحة الفساد التي طال انتظارها وتمكينها كجهة رقابية فعالة ورادعة للفساد والمفسدين.
علاوة على ذلك، يجب على السيد بارو أن ينفذ بشكل كامل توصيات مفوضية الحقيقة والمصالحة والتعويضات من خلال محاسبة مرتكبي الجرائم البشعة والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ومسح دموع الضحايا.
إن معدل وفيات الأمهات آخذ في الازدياد على الرغم من نهج الحكومة الدفاعي تجاه هذه الأزمة. يجب التعامل مع هذه القضية على أنها حالة طوارئ وطنية وألا يُنظر إليها على أنها قضية سياسية.
أصبحت تكلفة المعيشة لا تطاق بالنسبة للمواطن العادي في غامبيا، في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية كل يوم بشكل جنوني وصاروخي بما يتجاوز قدرة غالبية المواطنين في دولتنا الفقيرة. نعم، تتمتع غامبيا بنظام سوق ليبرالي، لكن هذا لا يعفي الحكومة من مسؤوليتها الأساسية في وضع سياسات واستراتيجيات لخفض الأسعار وتسهيل الحياة وسبل العيش للشعب الذي يرزح تحت الفقر المدقع.
كل ما سبق لا يمكن أن يتحقق دون إقامة مؤسسات قوية يديرها شخصيات متخصصة تتميز بالكفاءة والنزاهة والخبرة الكافية، ولذلك، يجب أن يكون التعيين على أساس الجدارة وليس على أساس من تعرف أو يدعم الحزب الحاكم.
حظاً سعيداً، سيدي الرئيس، متمنين لفخامتكم ولاية ثانية موفقة.