actualite

الهدف من الصوم!

نغانج سيك أبو زينب

قد أخطأ من تصوّر أن الهدف من الصوم أن يبتعد العبد عن الطعام والشراب فحسب، فإن هناك أهدافا سامية وراء هذا الابتعاد وهذا الإمساك، إذا كان الإنسان يتزوج ويدفع ماله فهو لا يرجو من وراء ذلك أن يجتمع الناس ويشهدوا أن صمب عقد على كمب فحسب، بل يهدف من هذا الزواج أن يولد منه أولاد بررة يبرّون في الحياة ويدعون له بعد الموت، ويلبس تاج الوقار بأخذهم القرآن وإتقانهم له.
إنّ مما يؤسف له في نهار رمضان أن تجد من اسمه أحمد أو عائشة يأكل ويشرب، ولا يلقي بالا لحرمة هذا الشهر، ولا يحترم مشاعر الذين امتنعوا عن الأكل والشرب طاعة لله، وإذا قيل له في ذلك، قال لكم دينكم ولي ديني! لا يعرف هذا إنّما شرع الصوم لمصلحته، ولا يضرّ العاصي إلاّ نفسه.
ولَك أن تتصوّر جهازاً يشتغل أربعة وعشرين ساعة بلا توقّف، كيف يكون حاله! وخاصة إذا كان هذا الجهاز مكوّن من أمعاء رقيقة، لا شك أن عمر أداء هذا الجهاز لا يكون طويلا، إذا لم نقطع وقتا يسمح فيه لهذا الجهاز أن يأخذ قسطا كافيا من الراحة، وأن تصوموا خير لكم.
إنّ هذا الطعام الذي يدخل جوف الإنسان يحتاج منه الجسم نسبة ضئيلة، والباقي كلّه سمّ وإذا لم يخرج كانت النتيجة ما نراه من كثرة مراجعة المستشفيات، اليوم يشكو زيادة والوزن، وغدا السكّر، وبعد غد الكلسترول، ومع مرور الأيام إن لم يرجع الإنسان إلى الاستخدام الطبيعي للطعام يبقى عبئا ثقيلا على المجتمع، يشرب الأدوية، ويراجع المراكز الصحية، ولا يشفى إلاّ إذا امتثل الأمر القرآني، وأوجب على نفسه صوم هذا الشهر فيخفّ جسمه ويرقّ قلبه، ويشكر النعمة
ومن هنا نعلم أن الله لم ينزل علينا الشريعة، لنشقى! كلاّ! ما جاءت إلاّ لمصلحة الإنسان، ولا يعتب الشخص أحدا إذا تسحّر بالشاورما فجلب لنفسه العطش، فقرّر أن لا يصوم، لأنّ هذه الشريعة فيها تكليف ما لا يطاق! كان عليه أن يتّهم نفسه ويجرّب التمر والحليب وقليلا من الموز، وإذا عطشت في نهار رمضان عطشا شديد، فانظر ماذا تناولته في أكلة السحور، فالتخفيف في السحور مهمّ.
أنا كنت من هذا الصنف، كنت أظنّ أنّ السمبوسة يمكن استعمالها في كل الأوقات، ولكن بالتجربة تبيّن لي أن تناولها في السحور، يجلب العطش وسرعة الغضب، والآن لمّا ابتعدت عنها لا أشكو من شيء والحمد لله.
من البدع التي تركها د. بشير جي أبو أحمد في المدينة، ونعمت البدع هذه أنّ تناول الموز في السحور يحفظ الصائم من الجوع والعطش، ويجعله يمارس نشاطاته بكامل قوّته، لا زلت أمارس وصيته وقد ارتفعت به كثيرا.
وإلى كلّ من ابتلاه الله بعدم المبالاة بأوامر شرعنا الحنيف أن يرجع إلى رشده، وليعلم أن تماديه في الغيّ لا يزيده إلاّ تعاسة، ولا يضرّ إلاّ نفسه.
ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشة ضنكا، ألا تسمعون في الأخبار أن المليونير الفلاني انتحر، ولنا أن نتساءل لماذا يقدم على الإنتحار ولا يشكو من قلّة ذات يد، يمكن أن يأكل الفطور في فرنسا والغداء في أمريكا، والعشاء في روسيا، ومع ذلك كلّه يحسّ في قلبه أمرا لا يمكنه أن يشرحه، أتعرفون ما هو؟ إنّه الإعراض عن الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى