actualite

السور الأخضر العظيم.. حلمٌ مُلِّحٌ أفريقياً وعالمياً.

أ. صفاء عيد

من السنغال غربًا إلى جيبوتي شرقًا بدأ الحلم كبيرا بحجم القارة الفتية، لكنه اصطدم على مدار أكثر من عقد من الزمن بصخور واقع القارة المتقلب الذي تآمرت عليها حتى الطبيعة من جفاف إلى فيضانات إلى ارتفاع درجات الحرارة…
ربما أدركتم عما أتحدث عنه ، إنه السور الأخضر العظيم، الذي انطلق عام 2007 بمبادرة من الاتحاد الأفريقي ، ووقعت عليها 11 دولة إفريقية بمنطقة الساحل من السنغال في الغرب إلى جيبوتي شرق القارة، واليوم تشارك فيه 21 دولة في جميع أنحاء إفريقيا ، وجرت تعبئة أكثر من ثمانية مليارات دولار، وتجمع المبادرة بين البلدان الإفريقية والشركاء الدوليين تحت قيادة مفوضية الاتحاد الإفريقي والوكالة الإفريقية للسور الأخضر العظيم.
المشروع على مدارعقد كامل لم ينجح في تحقيق سوى 15% من أهدافه التي كانت تطمح إلى إقامة جدار من الأشجار بطول 8 آلاف كيلو متر، يمتد عبر كامل عرض إفريقيا، لمواجهة التصحر واستعادة الأراضي المتدهورة ومحاربة الفقر والجوع وضمان حياة أفضل للشعوب الإفريقية.
السياسيون ظلوا يناقشون المشروع على مدار أكثر من عشر سنوات دون تحقيق أهداف ملموسة ودائماً يعزون السبب إلى نقص التمويل للمشروع، وفي الحقيقة المشروع يحتاج إلى تمويل ضخم  ليس فقط من الاتحاد الإفريقي والدول الإفريقية، بل من العالم بأكمله، لأن المشروع يمكن أن يتحول إلى حركة عالمية وهذا السوربمثابة مبادرة إفريقية لحل مشكلة عالمية وإذا ما نجح سيساهم في إطعام 9 مليارات شخص بحلول عام 2050
ورغم أن المشروع لن يعود بالفائدة فقط على القارة الأفريقية بل على العالم أجمع إلا أنه يحتاج إلى إصرار وتصميم من أصحاب المصلحة وأصحاب الأرض الحقيقيين بداية من القادة إلى الشباب والنساء والأطفال في التخطيط والتنفيذ كما يقول كيمو فاتي، مؤسس منظمة      Green up Gambia 
ويضيف “لن ننتظر أحدًا من الخارج ليجعل هذه الأرض خضراء”
التحديات الكبرى التي تواجه المشروع، تتعلق بحالة الاستقرار السياسي والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في بلدان المشروع التي من شأنها أن تعطل اتخاذ القرارات، وتصعِّب من إيجاد تعاون محلي، فالكثير من المناطق تفتقر إلى الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والخدمات الصحية والحاجة للذهاب إلى المدارس، ما يدفع الناس إلى اعتبار زراعة الأشجار ليس أولوية، وهذا ربما يجعل اختيار أنواع الأشجار التي تناسب احتياجات الناس أمرا مقنعا، فأشجار الفاكهة على سبيل المثال يمكن أن تدر لهم عائدًا يساعدهم على تحسين حياتهم، بالإضافة إلى تدريبهم على كيفية التخطيط لهذه المشاريع وتنفيذها بأنفسهم.
وبالرغم من التباطئ الكبير في تنفيذ المشروع إلا أن هناك بعض الدول الإفريقية التي التزمت ونجحت بالفعل في زراعة عدد ضخم من الأشجار مثل السنغال وإثيوبيا والنيجر، وهناك دول أخرى لم تنجح في تحقيق نجاح كبير، سواء بسبب ظروف عدم الاستقرار السياسي أو غياب المتابعة ونقص الموارد، وبشكل خاص نقص المياه.
وطالما أتينا على ذكر المياه فمن الضروري إيجاد حلول ناجعة لهذا التحدي الأكبر، خاصة أن الأراضي الرئيسية من السور الأخضر العظيم تمر في مناطق جافة وشبه جافة في الجانبين الشمالي والجنوبي من الصحاري، هنا يمكن الحديث عن الري من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الصحي والزراعي بعد معالجتها وفقا لمعايير عالمية مصرح بها.
وعلى وجه السرعة ووفق التقييم العالمي للأراضي الجافة الذي أجرته منظمة الفاو وشركاؤها يجب استصلاح نحو عشرة ملايين هكتار سنويًّا لوقف تدهور الأراضي، حيث تغطي المنطقة الرئيسية للسور الأخضر العظيم 780 مليون هكتار، ويسكنها 232 مليون شخص.
ويحذر ناشطون وقائمون على المبادرة من أنه إذا استمر المشروع دون إستراتيجية بعيدة المدى، وإذا لم يتم إجراء الدراسات الضرورية، فسيكون من الصعب أن ينجح في تحقيق أهدافه.
اليوم وفي ظل التدهور البيئي الذي يهدد البشرية، ومع دق ناقوس الخطر من التغير المناخي والخطر المحدق بالبشرية جمعاء، تحول هذا السور إلى رمز عالمي، فهل تتضافر الجهود وتتوحد السياسات العالمية لجعل الحلم حقيقة ، والمشروع متنفسا يجعل من القارة الأفريقية رئة للعالم أجمع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى