actualite

أهميّة الانضباط النّفسي في نجاح الثورات

جبريل لي السماوي
الحرب السيكولوجيّة هي أصعب
حرب تشنّها الأنظمة القمعيّة، لإثارة الرّعب في صفّ الثورة ولكسر قوّة الإرادة وسلخ روح المقاومة من حاملي أعمدة القضيّة، ولتغيير المسار الصحيح للقضايا النبيلة التي تدعو إلى التغيير نحو الأفضل. والتمرّد على الواقع الفاسد .
والهدوء النّفسي يمثّل أهمّ عجلة في طريق السّير إلى المناورات السّياسية ضدّ القوّة الضاربة. فمن يخسر الحرب النّفسية يخسر الحرب على الأرض وعلى الورقة. يجب على الثائرين “الانضباط النّفسي” قبل وأثناء المواجهة الكبرى .

لمّا وصلت المعلومات الاستخباراتيّة إلى المعسكر الاسلامي لتُفيد بأنّ قريشا جهزّت منظومة عسكريّة قوية ، وجيشا عرمرما لم يعرف العرب مثله، أراد الله تعالى أن يهيئ لجنود الاسلام ” التحدّي النفسي ” حفاظا على المشروع، قبل أن يتمّ إيقاف نمطه عبر الحرب السيكولوجية ( وإذ يريكهم في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ..) يقول الشوكاني في تفسير الآية . والمعنى : أنّ عليه الصلاة والسلام رآهم في منامه قليلا فقصّ ذلك على أصحابه، فكان ذلك سببا لثباتهم، ولو رآهم في منامه كثيرا لفشلوا وجبنوا عن قتالهم ولتنازعوا في الأمر هل يلاقونهم أم لا ؟
وأثناء المواجهة الحتميّة المصيريّة، رأى الصحابة أنّ كتيبة قريش أكثر عدّةً وعددا، فجاء الدّعم الإلهي، وأرسل الله إلى صفوف الجيش الاسلامي ملائكة للقتال معهم جنبا إلى جنب وهذه الاجراءات كلّها لأجل ألا يتشتّت شمل الجيش الاسلامي على مستوى الانضباط السيكلوجي …والله بيّن ذلك عندما قال ( وما جعله الله إلاّ بشرى لكم ولتطمئنّ قلوبكم به …)

والرسول عليه الصلاة والسّلام كقائد استراتيجي وخبير عسكري، يدرك تماما مدى فاعلية تأثير الجانب النّفسي في الجنود، لذلك كان دوما يتسابق مع العدوّ نحو الزمان، لحسم المعركة النّفسية قبل الوصول إلى أرض الحرب . لذلك قال ( نُصرتُ بالرّعب مسيرة شهر) وهذه الخاصيّة الاستراتيجية لم يكسبها رسول الله إلا بتطبيق استراتيجية ( فإمّا تثقفنّهم فشرّد بهم من خلفهم )

التحصّن بالهدوء العاطفي والانضباط النّفسي، يعطي للثورات والانتفاضات هيبتها …لذلك نرى الأنظمة القمعيّة تحاول جشّ نبض الشعب نفسيا قبل القيام بتوظيف خططها الاستراتيجية على أرض الواقع بعد كسب الرهان سيكولوجيّا .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى