actualite

هل نحن مستقلون حقا؟

بقلم / باسيديا درامي

عند حلول ذكرى “الاستقلال” كل عام في الثامن عشر من فبراير، نحن الغامبيين، نمرح ونفرح، ونضرب الدفوف والطبول، ابتهاجاً واحتفاءً بـ “عيد الاستقلال”. وهذا العام لن يختلف عن سابقاته شكلاً ومضموناً.

يُعرّف الاستقلال بأنه “التحرر من أي سلطة خارجية أو حكم بلد آخر “. وبعبارة أخرى هو القدرة على العيش دون مساعدة أحد، أو التأثر بأشخاص آخرين”.

غير أننا لابد أن نتساءل: هل نحن مستقلون حقا؟ نعم، يبدو أننا تحررنا من الحكم البريطاني المباشر عام 1965. نعم، لدينا دولة ذات حدود محددة، تسمى غامبيا. نعم، لدينا حكومة منتخبة ديمقراطيا ومؤسسات حكومية. ومع ذلك، هل نحن مستقلون سياسياً وثقافياً واقتصادياً؟ هل نحن في غنى عن العطاءات الخارجية والتأثير الأجنبي في سياساتنا وقراراتنا؟

هل نحن مستقلون حقاً عندما تحتل غامبيا المرتبة 174 من أصل 189 بلداً، حسب مؤشر التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2017، وهو مؤشر التنمية البشرية؟ هل نحن مستقلون حقاً عندما يعيش أكثر من ثلث سكان غامبيا تحت خط الفقر، البالغ 1.25 دولار في اليوم، فالفقر ضارب أطنابه بين الشعب؟ هل نحن مستقلون حقاً عندما تكون نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في حدود 88٪؟ هل نحن مستقلون حقاً عندما لا نزال نعتمد، بدرجة أساسية، على الدول المانحة لدعم الموازنة؟ هل نحن مستقلون حقاً عندما لا تتمكن الغالبية العظمى من السكان من الوصول إلى نظام رعاية صحية لائق؟ هل نحن مستقلون حقاً عندما يموت مرضانا من الأمراض القابلة للشفاء؟ هل نحن مستقلون حقاً عندما تكون جودة التعليم ومعاييره في انخفاض مستمر؟ هل نحن مستقلون حقاً عندما لا نستطيع صياغة سياسة خارجية مستقلة؟ هل نحن مستقلون حقاً عندما تبقى اللغة الإنجليزية لغتنا الرسمية ولغة مشتركة؟ هل نحن مستقلون حقاً عندما يهلك المئات من شبابنا فيما يسمى “الرحلة من الباب الخلفي” المحفوفة بالمخاطر، للوصول إلى شواطئ أوروبا بحثاً عن “المراعي الخضراء”؟

نعم، ليس ثمة من شك في أن بلدنا أحرز بعض التقدم، ولكن ما يسمى بالاستقلال يثير تساؤلا عديدة لا حصر لها، حيث تستمر غامبيا في الاعتماد على المنح والقروض المقدمة من المانحين لدعم الميزانية لتمويل معظم مشاريعها الإنمائية، والتي غالبا ما تكون مرهونة بالشروط. وهي شروط تقوض جوهر مفهوم الاستقلال وترسخ لمبدإ التبعية العمياء. كثيرا ما تشكو الإدارات الغامبية المتعاقبة من عدم توفر الموارد، وبالتالي فإنها تلجأ إلى التماس المساعدات الخارجية. يقضي زعماؤنا القليل من الوقت لإدارة دولهم: فهم يصولون ويجولون العالم بحثا عن حزم المساعدات. للأسف، يتم نهب معظم هذه المساعدات بينما تنفق البقية المتبقية منها على مؤتمرات تافهة ومركبات فاخرة، بدلاً من ضمان وصولها إلى المستفيدين الحقيقيين الذين يشكلون غالبية السكان: الفقراء. وما زلنا مصنفين كأمة مثقلة بالديون.

آن الأوان لأن يضع قادتنا الأفارقة خطة شاملة للتنمية المستدامة، تتضمن رؤية طويلة الأجل، لتوليد الثروة، من أجل انتزاع الشعوب من الفقر المدقع، من بين أمور أخرى.

بينما تحل علينا الذكرى الرابعة والخمسون من ميلاد وطننا العزيز، يتعين علينا أن نقف وقفة تدبر وتأمل مع أنفسنا، حكاما ومحكومين، على حد سواء، للبحث عن أجوبة مقنعة للتساؤلات المطروحة، والسعي حثيثا للتعامل مع التحديات التي نواجهها. علينا أن نؤمن إيمانا جازما أن الحل بأيدينا، كشعوب، لا بأيدي الآخرين!

أغتنم هذه الفرصة أخيراً للإشادة بالآباء المؤسسين الذين قادوا الكفاح من أجل الاستقلال، فربما جهل كثير من شباب الجيل الحاضر تاريخهم مع قرب العهد بهم.

*نُشر المقال سابقا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى