
ماذا خلف كواليس تحالف السودان التأسيسي في نيروبي؟!
د.أمينة العريمي
هناك حكمة إفريقية قديمة تقول “لا يمكن أن تفوز في الحرب وأنت تحارب بسلاح عدوك”.
إستمراراً لحالة التردي والإفلاس السياسي المرتبط بالإفلاس الأخلاقي الذي يحيط بقيادة مليشيا الدعم السريع منذ أبريل ٢٠٢٣ تواصل المليشيا هرجها ومرجها في أروقة تحالف السودان التأسيسي في نيروبي والذي لم يحضره ممثل إقليمي ولا دولي واحد في دلالة على أنه جاء كرد فعل إنتقامي على تنامي وتيرة الدعم الشعبي للقوات المسلحة السودانية بعد نجاحها في بسط سيطرتها على معظم المناطق الإستراتيجية وقرب تحرير أراضي البلاد كاملة.
تحالف السودان التأسيسي الذي لم يحظ بإهتمام إفريقي ولا إقليمي ولا دولي يواجه عقبات ستكون بداية لإنكشاف ما تبقى من عورته، ومن أهم تلك العقبات
🔆 العقبة الاولى: تتعلق بمحمد حسن التعايشي عضو تنسيقية تقدم “سابقاً” والذي أشارت بعض المصادر توقع رئاسته لإدارة الحكومة الموازية، وتكمن العقبة في التفاوض الذي سيقوده مع عدد من قادة دارفور والمجتمع المدني على شروط الميثاق السياسي والدستور المؤقت المقرر إعتماده ، وهما شرطان أساسيان لتعيين حكومة السلام المزعومة.
🔆 العقبة الثانية: رفض مجموعة من الشخصيات المنخرطة في تحالف السودان التأسيسي أهمها “فضل الله برمة ناصر” زعيم حزب الأمة القومي مشاركة حزب “قمم” الجناح السياسي لمليشيا الدعم السريع في اجتماعات نيروبي.
🔆 العقبة الثالثة : تضاعف بعض الأصوات الوطنية في الداخل الكيني الرافضة لتوجه إدارة الرئيس “وليم روتو” في القبول بإنعقاد حكومة موازية في السودان بقيادة مليشيا الدعم السريع من الأراضي الكينية، وهذا ما يفسر إلغاء المؤتمر الصحفي الذي عقدته منظمة مراسلون بلاحدود في نيروبي في ١٣ يناير الماضي في آخر لحظة بعد ضغوط داخلية وخارجية على الحكومة الكينية، وهذا ما ذكرناه في مقالنا السابق الذي حمل عنوان “حكومة حميدتي وإجهاض الدولة الوطنية” وأكدنا فيه أن إدارة الرئيس “وليم روتو” إن لم تكن مدركة لعواقب ما ستقدم عليه من إستعداء السودان في هذا التوقيت الحرج من تاريخ الدولة السودانية فهناك مؤسسات كينية عريقة لها تاريخها الإستخباراتي والأمني في الشرق الإفريقي وقطعاً هي ترى ما لا تراه المؤسسة الرئاسية، وبالتالي هي مدركة للنتائج المترتبة بقبول حكومة ترأسها مليشيا على مرمى حجر منها تماماً كإدراكها للتقاطعات التي حالت بينها وبين جوارها الإقليمي منذ سبعينات القرن الماضي حتى الأن.
يبدو أن الإعلان عن حكومة السلام المزعومة سيتأخر، وإحتمال كبير يتم تنظيمة خارج كينيا بعد ظهور تيار وطني تدعمه بعض المؤسسات الأمنية الكينية بضرورة الإلتزام بالحياد الدبلوماسي، ويبقى السؤال هنا إذا صدقت توقعاتنا حول تنظيم هذا التحالف خارج كينيا فأين سيكون؟ خاصة مع تصاعد وتيرة الوعي السياسي الإفريقي المتصاعد والمتعصب لوحدة وسيادة الدولة الوطنية والذي تجاوز مرحلة الشعارات وبات كموجة متصاعدة ضربت سواحل الأطلسي وسمع صداها في شواطىء البحر الأحمر ومنه للمحيط الهندي ، فكل دولة إفريقية الآن وفي ظل هذه الظروف ستنأى بنفسها عن الإنخراط في هذا العبث الذي تم إدخال السودان فيه عنوة ليقينها بأنها قد تكون التالية مع بروز دور التنظيمات المسلحة الخارجة عن القانون المهددة لسيادة الدولة الوطنية، أو أن تكون أراضيها محطة لإحتصان حكومة منفى تم تشكيل هياكلها في الخارج وتحاول عبثاً مزاحمة الوطن الذي لفظها.
باحثة إماراتية في الشأن الإفريقي